للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأجل ذلك فلا غرابة أن تنال الشهادة الاهتمام الجاد من قبل القضاة، ففي الأندلس نجد أمر الشهادة والشهود يقلق ولاة الأمر هناك، حتى أن الخليفة الحكم المستنصر بالله عندما أصدر ظهيراً بمناسبة تعيينه محمد بن إسحاق بن السليم قاضياً للجماعة، وذلك في يوم الاثنين من شهر شعبان سنة (٣٥٣) هـ (٢٨ أغسطس (٩٦٣) م) أمره فيه بعدة أمور، منها "أن يتحفظ في حين وقوع الشهادات عنده، فلا يقضي بين المسلمين منها إلا بما أقامه به التحقيق على السنة العدول، ذوي القبول، وإن استراب في شهادة أحدهم وقتاً ما، أن يبحث عنها، فإن ثبت أنه ارتشى، أو شهد بالهوى، فعليه أن يسقط شهادته، ويخل عدالته، تنكيلاً له، وتشديداً لمن خلفه (١) ".

فإذا حضر الشهود فعلى القاضي أن يبادر إلى إدخالهم عليه والاستماع لأقوالهم إذ أن التراخي في ذلك، ربما أدى إلى ضجر صاحب الحق فيتخلى عنه أو بعضه بالمصالحة خشية ظهور الملل على الشهود (٢).

فإذا شهد الشاهد لدى القاضي، فعليه أن يبادر إلى كتابة شهادته واسم قبيلته ونعته ومسكنه ومسجده (٣) الذي يصلي فيه، والشهر الذي


(١) - النباهي، ص ٧٦.
(٢) - فصول الأحكام، ص ١٨٠. تبصرة الحكام، ١/ ٥٤.
(٣) - لأنه لا يمكن أن يزكي الشاهد إلا أهل مسجده وسوقه وجيرانه، إلا أن يكون مشهوراً بالعدالة. انظر: معين الحكام، ٢/ ٦٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>