للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل الأقوال التي أدلى بها العلماء للتعريف بالرجل العدل جميعها تتفق على ضرورة اتصاف ذلك الرجل بالتقوى والاستقامة في جميع أحواله الدينية والدنيوية، بمعنى أن يكون مأمونا في السر والعلن.

وينبغي للقاضي إن لم يكن من أهل البلد أن يبدأ بالتعرف على عدول وثقات البلد الذي كلف القيام بأعباء القضاء به، وإن استطاع أن يفعل ذلك قبل أن يصل البلد فهو الأفضل، فإذا عرفهم يكتب اسم كل واحد منهم في ثبت لديه، ثم لا يكتفي بذلك، بل إن عليه أن يعمد إلى السؤال عنهم سراً كل منهم على حده، وذلك بعد استقراره في البلد (١).

وكل أهل بلد وبالذات القرى البعيدة عن الحواضر، إن لم يكن لديهم حكام يقيموا الحدود بينهم، تولى إقامتها فيهم من ارتضوهم عدولاً منهم، كالمؤذنين والأئمة والموسومين بالخير (٢). وهؤلاء العدول على القاضي قبول شهادتهم، وأن يداوم على السؤال عنهم سراً، فمن لم يثبت عليه اشتهار في كبيرة فهو عدل حتى يثبت عكس ذلك (٣).

وفي الأندلس لا يقدم لمرتبة العدالة إلا من طال اختباره، وتجاوز مجالس المذاكرة التي تعقد لاختباره، ويشهد له الفقهاء بالصلاح واعتدال الطريقة، وتثبت الشهادات لدى صاحب الشرطة الذي يتولى السؤال


(١) - أدب القاضي، ص ٨٣ - ٨٤.
(٢) - المعيار المعرب، ١٠/ ١٤٣، ١٤٥.
(٣) - النباهي، ص ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>