للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الملاحظ أن الأندلسيين لا يغمضوا أعينهم ولا يكفوا ألسنتهم عمن اتخذه القاضي عدلاً وهو غير أهل لذلك، فقد كان يتعرض لسخرية الناس، مما يضطر القاضي في النهاية إلى نزع العدالة عن ذلك الرجل (١).

وقد سبق وان عرفنا قصة العدل ابن عمار وبغلته مع قاضي الجماعة سليمان بن أسود ومنها ندرك أن على العدل ملازمة مجلس القاضي، إذ هو بحاجة مستمرة لأقواله طالما أن هناك قضايا تعرض.

ومن النادر أن نجد بعض العدول يدلي بأقواله مجاملة لأحد كبار رجالات الدولة، مثل من جامل الوزير هاشم بن عبد العزيز في قضية قومس بن أنتينان (٢).

ومن الواجب على العدل عدم قبول الهدية لأن في ذلك إثارة للشبهات من حوله، ويقوى المنع إذا كانت الهدية مقدمة ممن له خصومة لدى القاضي، من ذلك أن أحد كبار عدول قرطبة قد أخذ هدية هي عبارة عن جبة خضراء، فشعر بأمرها خصم المهدي، فبلغ قاضي الجماعة سليمان بن أسود بحقيقة الوضع، فأراد القاضي تأديب ذلك العدل، الذي كان من سلامة قلبه يداوم على لبس تلك الجبة في المحافل، ولذا قال القاضي لخصم المهدي: "إذا رأيت الشيخ وعليه الجبة، وأفتى عليك فقل:


(١) - انظر: ما قاله الشاعر يحيى بن حكم الغزال في عدلين اسم أحدهما أبو حفص والآخر يدعى يحيى بن مالك، كانا من عدول قاضي الجماعة معاذ بن عثمان الشعباني، المقتبس، تحقيق: مكي، ص ٧٠.
(٢) - انظر: القصة في قضاة قرطبة، ص ٧٥ - ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>