وأما المرحلة الثالثة التي مرت بها الخلافة الأموية في الأندلس، فهي مرحلة عصر الفتنة التي استمرت من سنة ٣٩٩ - ٤٢٢ هـ (١٠٠٩ - ١٠٣١ م) وأعقبها سقوط الدولة فمنذ أن سيطر المنصور بن أبي عامر على الدولة الأموية، وحجر على الخليفة هشام المؤيد بالله، واستبد بالأمر من دونه، وطارد الأمويين وضيق عليهم، واستهان بأهل البيوت المساندة للبيت الأموي، وأهمل ذكرها، وأخل بتركيبة الجيش، وحكم البلاد بصورة سلطوية ورأي فردي لا يقبل النقاش، منذ أن فعل ذلك، لابد أن نتوقع رد فعل عنيف يتحالف فيه الجميع على إزالة هذا الكابوس، رغم أن ذلك الجمع المتحالف لا يكن أعضاؤه الود بعضهم لبعض، لكن المصلحة اختطت لهم جادة واحدة وأجبرتهم على السير فيها.
فالحاكم السلطوي المستبد، الذي لا يرى إلا ذاته، ويحكم بالقهر والغلبة، يحدث عقب وفاته فراغ سياسي هائل، لا يمكن ملؤه بسهولة، وإن ساد الهدوء الأعوام القلائل التالية لعهده، فلكونها لازالت متأثرة بشخصيته، ولكن هذا التأثير لا يلبث أن يزول، فيحل المحذور وتعم الفوضى.
وهذا ما حدث عقب وفاة المنصور، فقد قام بالأمر من بعده ولده المظفر، مستفيداً من شخصية والده التي ألقت بظلالها على سنوات حكمه، وما أن توفي المظفر حتى هان أمر العامريين على الجميع، وأصبحت عملية إزالتهم مسألة وقت لا أكثر، وبدلاً من أن يعمد شنجول