وعندما خرج شنجول بجيشه إلى جليقية، واطمأن محمد بن هشام لبعده، جهر بحركته، وذلك يوم الثلاثاء (١٦) جمادى الآخرة سنة (٣٩٩) هـ (١٥ فبراير ١٠٠٩) وهجم أصحابه على صاحب المدينة عبد الله بن عمر، فقبضوا عليه (١)، ثم قتلوه بأمر محمد بن هشام، فلما رأى العوام رأس صاحب المدينة، انثالوا على ابن هشام من كل حدب وصوب فيهم من العنازين والجزارين والسفلة وسائر غوغاء الأسواق ما لا يحصون كثرة، فخطب بهم خطبة بين لهم فيها سبب قيامه، وحرَّضَهم على ابن أبي عامر، وأذن لهم بنهب مدينة الزاهرة، فاستهواهم الطمع وأمر بكسر السجن العام، فخرج من كان فيه من اللصوص والذعار وأصحاب الجرائم، فانضموا إليه، وتسلحوا بما وصلت إليه أيديهم، وزحفت هذه الجموع الغوغائية على قصر الخليفة الذي حاول جاهداً أن يسكن ثائرتهم، لكنه فشل، فانصرف وأمر خدمه بالكف عنهم، وأمام هجوم أولئك الغوغائيين أضطر الخليفة إلى إصدار أمره بفتح أبواب القصر لابن هشام، فدخل
(١) - عندما اندلعت ثورة المهدي كان صاحب المدينة عبد الله بن عمر الذي يفترض فيه أن يكون أكثر المسؤولين اهتماماً بالأمن، جالساً في غرفته الخاصة مترنحاً بين جاريتين تغنيانه بعد أن صرف حرس باب القصر للعمل في مزارعه الخاصة. انظر: البيان المغرب ٣/ ٥٥، أعمال الأعلام ٢/ ١٠٩.