للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عشر سنوات حتى حفظت عنه، بل إن كل قاضٍ أتى بعده كان يعيد نفس الخطبة في مبتدأ ولايته (١).

وفي أوائل القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) حدث ما يمكن أن نطلق عليه رسم جديد في الخطبة، وذلك تمشياً على طريقة قاضي الجماعة وصاحب الصلاة أحمد بن بقي بن مخلد في خطبة الجمعة، فقد استبحر في الدعاء في إحدى خطبة، فلما وصل إلى قوله "واخلصوا لله دعائكم" سكت ملياً إلى أن قدَّر أن الناس دعوا بدعائه، ثم وصل خطبته ودعاءه لهم، وأصبحت هذه الطريقة سنة لمن جاء بعده من الخطباء، وعُمل بها إلى منتصف القرن السادس الهجري وفي هذا يقول القاضي عياض: "وامتثل كثير من الخطباء طريقته في هذه السكتة في آخر الخطبة الثانية أثناء الدعاء إلى يومنا هذا في بلاد الأندلس (٢) ".

وبمناسبة الحديث عن خطبة الجمعة تجدر الإشارة إلى أنها كانت موضع اختبار من الفقهاء لصاحب الخطبة والصلاة، وبالذات صلاة العيد، من ذلك أن قاضي الجماعة يحيى بن معمر الألهاني في ولايته الأولى ٢٠٩ - (٢١٠) هـ (٨٢٤ - (٨٢٥) م) عندما جاء إلى مصلى العيد فوجئ بأن كبار الفقهاء وكبار رجالات الدولة قد جلسوا بالقرب من سترة الإمام، ففطن أن السبب في تجمعهم هو حرصهم على اختبار خطبته، فبادر القاضي ابن


(١) - قضاة قرطبة، ص ٩٢.
(٢) - ترتيب المدراك، ٥/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>