للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أن يكون جليل القدر، نافد الأمر، عظيم الهيبة، ظاهر الفقه، قليل الطمع كثير الورع، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا تُدنس دينه ولا عرضه الرشوة بالقائم، إذ يحتاج إلى سطوة الولاة وتثبت القضاة، فينبغي أن يكون جامعاً بين صفتي الفريقين، ويكون لجلالة قدره نافذ الأمر من الجهتين" (١).

وخطة المظالم في الأندلس هي إحدى الخطط الدينية الست التي ذكرها ابن سهل وجعل لأصحابها الحق في إصدار الأحكام (٢).

والملاحظ أنه في بداية الدولة الأموية بالأندلس لم يكن يوجد صاحب مظالم، إذ أن هذه الخطة لم تنشأ هناك إلا متأخرة، ولكن هذا لا يعني عدم الاهتمام بها، إذ أن الأمير عبد الرحمن الداخل كان "يقعد للعامة، ويسمع منهم، وينظر بنفسه فيما بينهم ويتوصل إليه من أراده من الناس فيصل الضعيف منهم إلى رفع ظلامته إليه دون مشقة (٣) ".

وذكر ابن حيان أن الأمير عبد الرحمن الداخل بلغ من شدة اهتمامه بالمظالم أنه كان يتصدى لها في أي مكان وزمان، وفي أثناء عودته من حضور جنازة في إحدى الأيام تصدى له أحد العوام وخاطبه بصوت عال طالباً منه أن ينصفه ممن ظلمه، فوقف الأمير ودعا بالقاضي المرافق له وأنصف الرجل (٤).


(١) - تحرير السلوك، ص ٣٨.
(٢) - النباهي، ص ٥.
(٣) - نفح الطيب، ١/ ٣٣٢.
(٤) - المصدر السابق، ٣/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>