للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك أصبح من صلاحيات صاحب المظالم مساءلة ذوي المناصب الإدارية العليا في الدولة عن أي تجاوزات تحدث من قبلهم، وممن تعرض لمساءلة صاحب المظالم الشاعر السفير يحيى الغزال، المتوفى سنة (٢٥٠) (٨٦٤ م) وقصة ذلك أن الغزال كان قد مدح الأمير عبد الرحمن الأوسط بقصيدة ولاه بسببها قبض الأعشار ببلاط مروان واختزانها في الأهراء (١)، وحدث أن عم القحط في ذلك العام، وقل الطعام وارتفعت الأسعار، فأخذ الغزال يبيع ما في مستودعات الدولة لديه حتى نفذ ما بها، وبعد أن نزل الغيث وتوفر الطعام، علم الأمير بما حدث، فغضب و أنكر تصرف الغزال، وأمر باستيفاء الثمن منه، ولكنه أبى فحمل إلى قرطبة مقيداً، حيث سجن هناك ثم أطلق سراحه (٢).


(١) - الأهراء: المستودعات الضخمة المعدة لخزن الأطعمة.
(٢) - المطرب، ص ١٢٨. والأستاذ الدكتور إحسان عباس يشك في أن هذه الحادثة وقعت زمن الأمير عبد الرحمن الأوسط، محتجاً بأن قحطاً لم يقع في حياته، ويرجح أنها حدثت زمن الأمير الحكم الربضي سنة ١٩٩ هـ، انظر: د. إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي عصر سيادة قرطبة، ص ١٥٩. لكن الواقع يشير إلى خلاف ذلك فقد ذكر ابن حيان أنه في سنة ٢٠٧ هـ، في صدر أيام الأمير عبد الرحمن الأوسط، نالت أهل الأندلس مجاعة شديدة بسبب انتشار الجراد. ولحسه الغلات وتردده في الجهات، وفي سنة ٢٣٢ هـ قلت الأمطار وعم القحط العام، أما القحط الخاص فقد أصيبت به عدة كور منها مثلاً في سنة ٢٣٦ هـ كورة تدمير، انظر: المقتبس، ابن حيان، تحقيق: د. محمود مكي، الصفحات: ٩٣، ١، ٧ على التوالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>