للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عرض قضية على ذي منصب كبير قبل أن تأخذ تدرجها الطبيعي ابتداء من أدنى السلم. وولي الأمر لابد وأن يهتم دائماً وأبداً بالصالح العام للرعية، وعليه أن يكرس جهده فيما يعود بالنفع عليها.

ولاشك أن الاهتمام بقمع المناوئين وقطَّاع الطرق أعظم أهمية من صرف الانتباه لقضايا أقل ما يقال عنها أن بالإمكان حلها بأيسر السبل دون أن يكون لها أي ذكر في المجتمع.

وملامة الخليفة لجده هي في الواقع أمر منطقي، إذ أن الدولة في عهده كانت معرضة للإنهيار، بل إن حكومة قرطبة في بعض الأحيان لم يعد لها سيطرة في الأندلس إلا على قرطبة والأماكن القريبة منها فقط، فأي مصلحة والوضع بهذه الصفة من الخطر في الاستماع لامرأة تدور قضيتها حول الغزل، وترك الفتن تستعر في أرجاء البلاد، الأمر الذي يترتب عليه انعدام الأمن وتدهور الحالة الاقتصادية إلى خلاف ذلك من أمور، المجتمع في غاية الغنى عن خوض تجربتها.

ومن الطرائف التي جرت على يدي الخليفة عبد الرحمن الناصر أن تاجراً زعم أن صرة له قد ضاعت وهي تحوي مائة دينار، وجعل لمن وجدها مكافأة مقدارها عشرة دنانير، فجاء بها رجل عليه سمة أهل الخير، فلما قبضها التاجر ادعى أنه كان بها مائة وعشرة دنانير وأن الرجل أخذ عشرة دنانير وهي المكافأة، وأبى أن يدفع الشرط، فرفع الأمر للخليفة فوقع على الكتاب "صدق التاجر والرجل الذي وجد المال، ولولا صدق

<<  <  ج: ص:  >  >>