وبالرغم من أن الفقيه المشاور ابن العطار قد أُسقط عن منزلته نتيجة موقف سياسي، إلا أننا وجدنا في قصته أنموذجاً واضحاً لمشاور جُرِّد من منصبه ثم أعيد إليه.
فبعد أن سلَّط عليه الحاجب المنصور بن أبي عامر قاضي الجماعة ابن زرب وبقية الفقهاء، جاءت الشهادات ضده من جميع الفقهاء إلا القلة، وعلى ضوء ذلك تم إسقاط ابن العطار عن منزلته وأوصى إليه المنصور بأن لا يغادر منزله ومنعه من الاختلاط بالناس، وبعد وفاة القاضي ابن زرب الذي كان المنصور يستحي منه كلما أراد إعادة ابن العطار لمنصبه، أصدر المنصور أمره لصاحب الشرطة بالبحث في شأن عدالة ابن العطار فظهرت وثيقة بصلاحه وإقتدائه بالسلف واعتدال طريقته، شهد فيها ثقاتهم وعلماؤهم، ثم رفعت الوثيقة للمنصور، فجمع أهل العلم وأفتوا بسقوط السخطة عنه، فرفع المنصور الوثيقة إلى الخليفة هشام المؤيد، فأصدر ظهيراً أمر به قاضي الجماعة ابن برطال بإعادة ابن العطار إلى منصبه (١).
من هذه القصة - بغض النظر عن ملابساتها - نعرف أن ليس بالإمكان إسقاط فقيه مفتي عن منصبه إلا بإجماع أغلب شهادات الفقهاء ضده، وتُذكر الأشياء المأخوذة عليه، ثم إذا صلحت حاله وشهد الثقات بعدالته، بعد أن يبحث صاحب الشرطة في شأن حال ذلك الفقيه، يرفع