ونظراً لكون أحوال الناس في المجتمع الإسلامي، لا تضبط إلا من خلال أمور الدين، لأجل هذا، نرى اهتماماً كبيراً من بني أمية في الأندلس، بأمر السوق ومن يتولاه، و يتضح هذا الاهتمام بصورة مجملة من خلال بعض الأحداث التي ذكرتها كتب التراجم.
فقد ذكر ابن الفرضي أن العباس بن قرعوس الثقفي كان يلي السوق بقرطبة، في عهد الأمير الحكم الربضي، وقد عُرف العباس بالشدة وأنه لا تأخذه في الله لومة لائم، فقد التقى في أحد الأيام أثناء خروجه من قرطبة، برسول لسعيد الخير الكبير وهو يحمل وعاءً فيه شراب، فنظر إليه العباس، وأمر بأخذه، فأخبر الرسول بأن مولاه عند الأمير، وأنه أمره بإحضاره، فما كان من العباس إلا أن أمر بكسر الإناء و إهراق ما فيه، ثم ضرب الرسول ضرباً موجعاً، فلما علم سعيد الخير بأمر رسوله، أنهى الخبر للأمير، وحرضه ضد العباس، لكن الأمير لم يلتفت لقول سعيد، بل خاطبه قائلاً:"هذا قوة لملكنا، ألا استتر رسولك؟ (١) ".
وهذا الفقيه محمد بن خالد بن مرتنيل، المعروف بالأشج، المتوفى سنة (٢٢٤) هـ (٨٣٩ م) تولى عدة خطط في عهد الأمير عبد الرحمن الأوسط، من بينها السوق، وقد كان صلباً لا تأخذه في الله لومة لائم، كان لا يهاب أحداً من جلاس الأمير، وكان ينفذ عليهم من الحقوق ما ينفذه على السوقة والعوام، وقد ضرب رجلاً من أصحاب الأمير يعرف