للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن المسئولين عن التعذيب قد اختيروا بعناية فائقة، فهم باختصار أجساد بلا قلوب، يدل على ذلك ما ذكره ابن حيان عن كيفية مقتل الشاعر الأديب عبد الملك بن إدريس الجزيري، في سجن المطبق بالزاهرة، حيث خُنق بداخل السجن على أيدي بعض السودان (١) وقد نقل لنا ابن حبان كيفية الخنق تلك، فقال: "أخبرني أبي خلف بن حسين، قال: سألت الذي تولى قتل الجزيري في محبسه، فجعل يصف لي سهولة ما عانه منه لقضافته وضعف أسره، ويقول: ما كان الشقي إلا كالفروج في يدي، دققت رقبته بركبتي فما زاد أن نفخ في وجهي، فعجبت من جهل هذا الأسود (٢) ".

وكان التعذيب البدني يجري لبعض السجناء، فقد ذكر ابن بشكوال أن أبا عمر أحمد بن محمد بن فرج، أحد الشعراء، قد نقلت عنه كلمة عامية ضد الدولة، وذلك في عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله، فسجن بسجن جيان مدة سبعة أعوام أو أكثر، وخلال هذه المدة نيل بمكروه في جسده ولم يخرج إلا بعد وفاة الخليفة الحكم، لكنه لم يلبث إلا يسيراً ثم توفي (٣).

والدولة الأموية في الأندلس، كانت تحرص على تثقيف المساجين -من غير الأعلام- ثقافة موجهة، تخدم نظام الحكم في المقام الأول؛ ولأجل


(١) - الذخيرة، القسم الرابع، ١/ ٥٢.
(٢) - المصدر السابق، ١/ ٥٢.
(٣) - الصلة، ترجمة رقم ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>