ويبدو أن ابن عبد ون قد أدلى بآرائه هذه، وهو متأثر بأحداث عصره "عصر ملوك الطوائف" أما في عهد دولة بني أمية، وبالذات الأقوياء من الأمراء والخلفاء، فليس من الضروري أن تصدق تلك الآراء في تلك المدة أو تطبق (١).
ومهما يكن، فالأمر لم يترك مفتوحاً أمام الأعوان ليمارسوا سلطاتهم، كما تمليه عليهم رغباتهم، بل إن ابن عبد ون، الذي استفاد مما كان سائداً قبله في عهد الأمويين، وضع لأولئك الأعوان ضوابط يسيروا وفقها في أداء مهامهم، لكي لا ينحرف الهدف الذي من أجله تمت الاستعانة بهم، وهذه الضوابط هي بالنهاية سياج يحمي كرامة الآخرين من تسلطهم، فقد ذكر أن الحد يقام على من استحقه منهم، إذ ليس أقبح من أن يكونوا يغيروا المنكر بزعمهم وهم يفعلونه، كما يجب أن يمنعوا من التفتيش ليلاً كان أو نهاراً، فذلك فيه هتك لستر من يتم تفتيشه، كما أن من ألقوا عليه القبض في الليل، وهو ممن لاتأخذه تهمة ولا ظنه، فعليهم أن يوصلوه إلى داره وهو موفور الكرامة، وأما من اشتبه بأمره فعليهم ألا يلحقوا به الأذى سواء مادياً أو معنوياً، بل يحضروه عند صاحب المدينة