للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا أن من بقى فيها من الصحابة أكثر بكثير ممن خرج منها (١). فلا غرابة إذا ما حافظت على كيانها العلمي الذي زخرت به في أيامها الأولى حتى بداية العصر العباسي (١٣٢ هـ) حيث بدأت الخلافات السياسية بين الخلفاء العراق والخارجين عليهم في المدينة. فأخذ العباسيون ينكَّلون بالمدينة وأهلها، وبالتالي أرخت الجفوة أسدالها بين الطرفين حتى بدأ النشاط العلمي في المدينة يخبو قليلاً، بسبب إهمال الخلفاء لها، وتكريس جهودهم للنهوض ببغداد عاصمة الخلافة. ومع هذا كله فقد كان لوجود الأعداد الهائلة من التابعين ومن بعدهم في المدينة أكبر الأثر في الحفاظ على هذه الثقافة التي تناقلوها عن آبائهم آنذاك.

كما كانت فريضة الحج الدائمة سبباً هاماً في اتصالهم بعلماء الأمصار لتبادل العلوم فيما بينهم. فكانت الثقافة في المدينة ترتكز على الحديث وما يبني عليه من فقه، وما يتصل بذلك من أخبار وسير (٢)، بالإضافة إلى تعليم القرآن وغيره.

وقد اشتهر من القراء: أبو جعفر القارئ يزيد بن القعقاع (ت (١٣٢) هـ) (٣). وأبو رُويم نافع بن عبد الرحمن (ت (١٦٩) هـ)، أحد أصحاب القراءات السبع الصحيحة (٤). وقالون عيسى بن مينا (ت (٢٢٠) هـ) (٥) وغيرهم.

واشتهر من المفسرين: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت (١٨٢) هـ)، صاحب كتاب (الناسخ والمنسوخ) و (التفسير) (٦).


(١) انظر: ضحى الإسلام ٢/ ١٥١. وذكر أن ألفي صحابي تفرقوا في الأمصار، وعشرة آلاف ماتوا في المدينة.
(٢) انظر: ضحى الإسلام ٢/ ٧٥.
(٣) انظر ترجمته رقم ٦٠.
(٤) انظر: ترجمته رقم ٣٨٢. ومعرفة القراء الكبار ١/ ٨٩.
(٥) انظر: معرفة القراء الكبار ١/ ١٢٨.
(٦) انظر: الفهرست ٥٧. وطبقات المفسرين للداودي ١/ ٢٦٥.

<<  <   >  >>