للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتاب (المغازي)، وهو شيخ ابن سعد (١).

هذه نماذج من التابعين، ومن بعدهم، ممن احتضنتهم المدينة ونهضت بهم، لتزويد الأمصار المختلفة، العلوم الإسلامية المتنوعة التي زخرت بها من مدرستها الأولى.

والمجلد الخامس بما فيه هذا القسم من طبقات ابن سعد -تُرجم فيه لسبعة وثمانين وثمانمائة رجل من أهل العلم- يعكس نشاط الحركة العلمية التي عايشتها المدينة، ومدى تأثيرها على الأقطار الأخرى إلى نهاية العصر العباسي الأول تقريباً.

[٥ - الحركة العلمية في مكة المكرمة]

وقد انحدر ابن سعد في ترحاله إلى مكة، والحركة العلمية فيها محدودة النشاط إذا قيست بزميلاتها من المراكز العليمة الأخرى، لأن نشاط البلد كان يتناسب طرداً مع مقر الخلافة، فحيث وجد الخليفة وجد النشاط. فالبلد الذي يستقر فيه الخليفة، هو الذي يكون صاحب الحظ الأوفر ثقافياً، واقتصادياً، وعسكرياً … الخ.

ففي فجر الإسلام، كان الحجاز -مكة والمدينة- صاحب الريادة العلمية ولما انتقلت الخلافة إلى الشام في العهد الأموي، نشطت الحركة العلمية فيها أكثر منها في الأمصار الأخرى. وعندما صار زمام الأمر بيد العباسيين انتقلت الريادة العلمية إلى العراق -البصرة، الكوفة، وبغداد- معقل بني العباس.

وعلى كل حال كانت مكة وإلى جانبها من أغنى مصادر روايات التشريع الإسلامي لأن الأولى دار نشأة النبي صلى الله عليه وسلم، والثانية دار هجرته، وكلاهما منشأ المهاجرين والأنصار، الذين عاشروا النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثوا عنه، وتناقل التابعون ومن بعدهم ما سمعوا منه (٢).


(١) انظر: الفهرست لابن النديم ١٤٤. وتاريخ التراث ١/ ٤٧٠ - ٤٧٥.
(٢) انظر ضحى الإسلام لأحمد أمين ٢/ ٧٥.

<<  <   >  >>