للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلم يستجب هؤلاء الحفاظ لقول المأمون إلا تقيَّة وهم كارهون، يخشون على أنفسهم الموت، فكان يحي بن معين، وغيره يقولون: أجبنا خوفاً من السيف (١).

وهكذا فإن الإمام أحمد أخذ بالعزيمة وكثير من أقرانه أخذوا بالرخصة رغم أن مكانتهم العلمية واحتمال متابعة العامة لهم تقتضي أن يأخذوا بالعزيمة وذلك خوف أن يفتن الناس بسببهم (٢).

وقد أنكر الإمام أحمد بن حنبل عليهم موقفهم وحلف أن لا يكلم أحداً ممن أجاب في المحنة حتى يلقى الله عز وجل، وكره الكتابة عنهم (٣)، وأنكر هذا الإنكار الشديد عليهم (٤) لأنه رأى فيهم قدوة لهذه الأمة، باعتبارهم من العلماء المتصدرين لرواية العلم، وتنقية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من دسائس الوضع، وتمييز صحيحه من سقيمه، لطول باعهم في علم الرجال، كما شهد لهم واعتمد عليهم من بعدهم ممن عُني بهذا الفن.

ولو نظرنا في ترجمة ابن سعد عن بعض أئمة الجرح والتعديل -كابن أبي حاتم (٥)، والخطيب البغدادي (٦)، والمزّي (٧)، وابن عبد الهادي (٨)، والذهبي (٩)،


(١) انظر: البداية والنهاية ١٠/ ٢٧٣. وتاريخ الخلفاء للسيوطي ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٢) من لمسات المشرف.
(٣) انظر: ميزان الاعتدال ٤/ ٤١٠.
(٤) انظر: مناقب الإمام أحمد ٤٧٣ - ٤٧٥.
(٥) انظر الجرح والتعديل ٣/ ٢/٢٦٢.
(٦) انظر: تاريخ بغداد ٥/ ٣٢١.
(٧) انظر: تهذيب الكمال ٦/ ٦٠٠.
(٨) انظر: مختصر في طبقات علماء الحديث ١٣٨.
(٩) انظر: تذكرة الحفاظ ٢/ ٤٤٥. وميزان الإعتدال ٣/ ٥٦٠. وتذهيب تهذيب الكمال ٣/ ٢/٢٠٦ أ. وسير أعلام النبلاء ٧/ ٢٨٥ ب.

<<  <   >  >>