حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِليَّ طَلحَةُ بْنُ عُبيْدِ الله يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي، وَهَنَّأنِي، وَالله مَا قَامَ إِليَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ.
قَالَ: فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» قَالَ: قُلتُ: أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ الله، أمْ مِنْ عِنْدِ الله؟ قَالَ: «لَا بَل مِنْ عِنْدِ الله» قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، حَتَّى يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ: فَلمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ أنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى الله تَعَالَى، وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قَالَ: فَقُلتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، قَالَ: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّما الله تَعَالَى نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ.
قَالَ: فَوَالله مَا أعْلَمُ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أبْلَاهُ الله مِنَ الصِّدْقِ فِي الحَدِيثِ مُذْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، أحْسَنَ مِمَّا أبْلَانِي الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالله مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُذْ قُلتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَإِنِّي لَأرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي فِيمَا بَقِيَ، قَالَ: وَأنْزَلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute