للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَنِمْنَا تِلكَ اللَّيْلَةَ مَعَ قَوْمِنَا فِي رِحَالِنَا حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ خَرَجْنَا مِنْ رِحَالِنَا لمِيعَادِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، نَتَسَلَّلُ مُسْتَخْفِينَ تَسَلُّلَ القَطَا حَتَّى اجْتَمَعْنَا فِي الشِّعْبِ عِنْدَ العَقَبَةِ، وَنَحْنُ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَمَعَنَا امْرَأتَانِ مِنْ نِسَائِهِمْ - نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمُّ عُمارَةَ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ، وَأسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلِمَةَ، وَهِيَ أُمُّ مَنِيعٍ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا بِالشِّعْبِ نَنْتَظِرُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى جَاءَنَا وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ عَمُّهُ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ، إِلَّا أنَّهُ أحَبَّ أنْ يَحْضُرَ أمْرَ ابْنِ أخِيهِ، وَيَتَوَثَّقُ لَهُ.

فَلمَّا جَلَسْنَا كَانَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أوَّلَ مُتَكَلِّمٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ، قَالَ: وَكَانَتِ العَرَبُ مِمَّا يُسَمُّونَ هَذَا الحَيَّ مِنَ الأنْصَارِ الخَزْرَجَ أوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا، إِنَّ مُحمَّدًا مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ مِنْ قَوْمِنَا مِمَّنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ رَأيِنَا فِيهِ، وَهُوَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ، وَمَنَعَةٍ فِي بَلَدِهِ، قَالَ: فَقُلنَا: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلتَ، فَتكَلَّمْ يَا رَسُولَ الله، فَخُذْ لِنَفْسِكَ، وَلِرَبِّكَ مَا أحْبَبْتَ.

قَالَ: فَتكَلَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَتلَا وَدَعَا إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَرَغَّبَ فِي الإِسْلَامِ، قَالَ: «أبايِعُكُمْ عَلَى أنْ تَمنَعُونِي مِمَّا تَمنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ، وَأبْنَاءَكُمْ» قَالَ: فَأخَذَ البَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحقِّ لَنمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ الله، فَنَحْنُ أهْلُ الحُرُوبِ، وَأهْلُ الحَلقَةِ، وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، قَالَ: فَاعْتَرَضَ القَوْلَ، وَالبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أبُو الهَيْثَمِ بْنُ التَّيهَانِ حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الأشْهَلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>