فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ الله، أتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ، ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ، فَيَحْلِقَكَ. فَقَامَ، فَخَرَجَ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ: نَحَرَ هَدْيَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ. فَلمَّا رَأوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا.
ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠]، قَالَ: فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُما مُعَاوِيَةُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ، وَالأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى المَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أبُو بَصِيرٍ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مُسْلِمٌ.
وَقَالَ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ: فَقَدِمَ عَلَيْهِ أبُو بَصِيرِ بْنُ أُسَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مُسْلِمًا مُهَاجِرًا، فَاسْتَأجَرَ الأخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ رَجُلًا كَافِرًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَمَوْلًى مَعَهُ، وَكَتَبَ مَعَهُما إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَسْألُهُ الوَفَاءَ فَأرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فَقَالُوا: العَهْدَ الَّذِي جَعَلتَ لَنَا فِيهِ. فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الحُلَيْفَةِ، فَنزَلُوا يَأكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أبُو بَصِيرٍ لِأحَدِ الرَّجُلَيْنِ: وَالله إِنِّي لَأرَى سَيْفَكَ يَا فُلَانُ هَذَا جَيِّدًا. فَاسْتَلَّهُ الآخَرُ، فَقَالَ: أجَل وَالله إِنَّهُ لجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ.
فَقَالَ أبُو بَصِيرٍ: أرِنِي أنْظُرْ إِلَيْهِ. فَأمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الآخَرُ حَتَّى أتَى المَدِينَةَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ رَأى هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute