فَقَالَ قَيْصَرُ: أدْنُوهُ مِنِّي، ثُمَّ أمَرَ بِأصْحَابِي، فَجُعِلُوا خَلفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُل لِأصْحَابِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَ، فَكَذِّبُوهُ، قَالَ أبو سُفْيَانَ: فَوَالله لَوْلَا الِاسْتِحْيَاءُ يَوْمَئِذٍ أنْ يَأثُرَ أصْحَابِي عَنِّي الكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَألَني، وَلَكِنِّي اسْتَحَيْتُ أنْ يَأثِرُوا عَنِّي الكَذِبُ، فَصَدَقْتُهُ عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُل لَهُ: كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَل قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ: فَهَل كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ فِي الكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ: فَقُلتُ: لَا، قَالَ: فَهَل كَانَ مِنْ أبائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ: فَأشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قُلتُ: بَل ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: فَيزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ؟ قَالَ: قُلتُ: بَل يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَل يَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، قَالَ: فَهَل يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلتُ: لَا، وَنَحْنُ الآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ، وَنَحْنُ نَخَافُ ذَلِكَ.
قَالَ أبو سُفْيَانَ: وَلَمْ تُمكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أنْتَقِصُهُ بِهِ غَيْرُهَا، لَا أخَافُ أنْ يُؤْثَرَ عَنِّي، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلتُمُوهُ أوْ قَاتَلَكُمْ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ كَانَتْ حَرْبُكُمْ وَحَرْبُهُ؟ قَالَ: قُلتُ: كَانَتْ دُوَلًا سِجَالًا نُدَالُ عَلَيْهِ المَرَّةَ، وَيُدَالُ عَلَيْنَا الأُخْرَى، قَالَ: فَبِمَ يَأمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلتُ: يَأمُرُنَا أنْ نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ أباؤُنَا، وَيَأمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالصِّدْقِ، وَالعَفَافِ وَالوَفَاءِ بِالعَهْدِ، وَأدَاءِ الأمَانَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute