قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ اليَمَنِ وَالَّذِي أتَى بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِائَةً، قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأهَلُّوا بِالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ كَما كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الجَاهِلِيَّةِ.
فَأجَازَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ القُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أمَرَ بِالقَصْوَاءِ، فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأتَى بَطْنَ الوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، ألَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أمْرِ الجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أوَّلَ دَمٍ أضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بن الحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ، فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا أهْلِ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأوَّلُ رِبًا أضَعُ رِبَا عَبَّاسِ بن عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ كُلُّهُ مَوْضُوعٌ.
فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّساءِ، فَإِنَّكُمْ أخَذْتُمُوهُنَّ بِأمَانِ الله، وَاسْتَحْلَلتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ الله، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ الله، وَأنْتُمْ تُسْألُونَ عَنِّي فَما أنْتُمْ قَائِلُونَ؟ ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute