قَالَ سُرَاقَةُ: فَعرَفْتُ أنَّهُمْ هُمْ. فَقُلتُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنْ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقَ آنِفًا. قَالَ: ثُمَّ لَبِثْتُ فِي المَجْلِسِ سَاعَةً، حَتَّى قُمْتُ، فَدَخَلتُ بَيْتِي، فَأَمَرْتُ جَارِيَتي أَنْ تُخرِجَ لِي فَرَسِي، وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ، فَتحْبِسَهَا عَليَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ البَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِرُمْحِي الأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَةَ الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي، فَرَكِبْتُها، فَرَفَعْتُها تَقَرَّبُ بِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَسْوَدَتَهُما، فَلمَّا دَنَوْتُ مِنْهُمْ حَيْثُ يُسْمِعُهُمُ الصَّوْتُ، عَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ بِيَدَيَّ إِلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا، أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا؟ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ: أَنْ لَا أَضُرَّهُمْ.
فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الأَزْلَامَ، فَرَفَعْتُها تَقَرَّبُ بِي، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْهُمْ، عَثَرَتْ بِي فَرَسِي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ بِيَدَيَّ إِلَى كِنَانَتي، فَأَخْرَجْتُ الأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ: أَنْ لَا أَضُرَّهُمْ، فَعَصَيْتُ الأَزْلَامَ، وَرَكِبْتُ فَرَسِي، فَرَفَعْتُها تَقَرَّبُ بِي، حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لَا يَلتَفِتُ، وَأبو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتِ الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَزجَرْتُها، وَنَهَضْتُ، فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا.
فَلمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لأثرِ يَدَيهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ - قَالَ مَعْمَرٌ: قُلتُ لِأَبِي عَمْرِو بن العَلَاءِ: مَا العُثَانُ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: هُوَ الدُّخَانُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ - قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ: أَنْ لَا أَضُرَّهُمْ، فَنادَيْتُهُما بِالأَمَانِ، فَوَقَفَا، فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الحَبْسِ عَنْهُمْ، أنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ الله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute