المَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأنا مَعَهُ،
وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ.
فَلمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قَالَ: فَقُلتُ: يَا رَبَاحُ، خُذْ هَذَا الفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلحَةَ بن عُبَيْدِ الله، وَأَخْبِرْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ المُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ، فَاسْتَقْبَلتُ المَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا: يَا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ القَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ، أَقُولُ: أنا ابْنُ الأَكْوَعِ وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ، فَأَلحقُ رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَصُكُّ سَهْمًا فِي رَحْلِهِ، حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ.
قَالَ: قُلتُ: خُذْهَا وَأنا ابْنُ الأَكْوَعِ وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ: فَوَالله، مَا زِلتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً، فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ، حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الجَبَلُ، فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ، عَلَوْتُ الجَبَلَ فَجَعَلتُ أُرَدِّيهِمْ بِالحِجَارَةِ، قَالَ: فَمَا زِلتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً، وَثَلَاثِينَ رُمْحًا، يَسْتَخِفُّونَ وَلَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ.
حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ، فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بن بَدْرٍ الفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ - يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ - وَجَلَسْتُ عَلَى رَأسِ قَرْنٍ، قَالَ الفَزَارِيُّ: مَا هَذَا الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute