للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السحر خُدع ومخاريقُ وتمويهات وتخييلات لم يوجب، تبعًا لهذا الأصل، قتلَ الساحر، إلا أن يقتل بفعله أحدًا فيقتل به قصاصًا] (١) ، أما جمهور علماء الأمة الذين هم على أصل إثبات السحر وأن له حقيقة، فقد كفّروا الساحر بنفسه على تفصيلٍ سيأتي قريبًا إن شاء الله.

تنبيه: مما يجدر التنبّه إليه هنا أن وصف السحر بأنه حق - كما تجده في بعض كلام أهل العلم (٢) - ليس مقصودًا به المعهود من الحق الذي يقابل الباطل، إنما المقصود: [أنه حقٌ وجودُه وتصوره وأثره بإذن الله القدري الكوني] (٣) . فالسحر هو عين الباطل كما لا يخفى، كذلك فإن معنى قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَيْنُ حَقٌّ» (٤) ، أي: الإصابة بالعين شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونه (٥) .

مسألة: سبق ذكر أن جمهور العلماء قد قطعوا بأن للسحر حقيقة، واختار آخرون - منهم: أبو جعفر الإستراباذي من الشافعية، وأبو بكر الرازي من الحنفية وابن حزم الظاهري - أن السحر تخييل فقط، فأي شيء يترتب على هذا الاختيار؟

[محل النزاع في هذه المسألة هو: هل يقع بالسحر انقلاب عين أو إحالة طبع أو لا؟ فمن قال إنه تخييل فقط منع ذلك، ثم من قال إنه له حقيقة اختلفوا: هل يقتصر تأثيره على تغيير المزاج فيكون مرضًا من الأمراض؟


(١) انظر: تفسير القرطبي (٢/٤٥) .
(٢) قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (٢/٤٤) : وعندنا أنه - أي السحر - حق، وله حقيقة يخلق الله عنده ما شاء. اهـ.
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين (١/٣١) .
(٤) سبق تخريجه ص٦٥، بالهامش ذي الرقم (١) .
(٥) انظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/٢١٣) .

<<  <   >  >>