للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الخطّ بالرمل: [وهو المسمى بالخط، والضرب، فطريقته: أن يقوم الخاطّ برسم خطوط كثيرة متفرقة على أرضٍ ليّنة، يرسمها بخفة بالغة وعجَلة متعمَّدة، فلا يُعرف عند ذلك عددها، ثم يمحوها خطين خطين، فإن بقي خطان مثلاً كان علامة عنده على النجاح، وإن بقي خط واحد فهو بزعمه دليل على الخيبة والحرمان] (١) .

وقد يسأل المرء بعدها - على فرض ثبوت الحديث - عن إعلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم بكون العيافة والطرق من جملة السحر، مع أن ظاهر معناهما العرافة أو الكهانة على أبعد تقدير؟ والجواب: [أن المتأمل في حال العائف والخاطّ، يجد أنهما مشتركان مع الساحر في أمور منها: انتكاس الفطرة بالاعتقاد بدعوى مشاركة الله باختصاصه بعلم الغيب، وأن أفعالهما تتم غالبًا - كما السحر - بأنواع التقرب لشياطينهم بأنواع الشرك والمحرمات، واعتقادهما إمكان نزول ضر بعبدٍ بغير إذن الله بذلك، وخوفهما - كما الساحر - من مخالفة أوامر شياطينهما، وفي ذلك كله عبادة صريحة لغير الله، وشك ظاهر بحكمة الله في قضائه وتقديره] (٢) .

فصلاة ربي وسلامه على من أوتي جوامع الكلم، وحاز أقطار العلم، وحوى مجامع الفهم، ولم يدع بابًا للخير إلا أرشد أمته إليه، ولا بابًا للشرّ إلا حذرها منه.

مسألة: الخطّ بالرمل علم معروف مشتهر، فهل هو الضرب على الرمل بعينه، أم أنهما متغايران؟

الظاهر، والله أعلم، أنهما متغايران، فالخط بالرمل، هو الرسم ثم الإزالة على ما سبق بيانه، - وهو المسمى بالطَّرْق - أما الضرب على


(١) انظر: معالم السنن للخطّابي ص ٣٧٤.
(٢) انظر: الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد. د. صالح الفوزان ص ٨٤.

<<  <   >  >>