إن تحصين المؤمن نفسه مدارُه جميعًا على وقاية قلبه مما قد يؤثر فيه فيفتح فيه ثلمة يلج الشيطان وأتباعه منها فيستحوذ على روحه، أو يضره في جسده، وقد علمت - بفضل الله - ما يحصن قلبك بتلاوة آيات الله تعالى، وملازمة ما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذكار مباركات، لكن مع ذلك فقد يتحيّن الشيطان وجنده من السحرة - عياذًا بالله - فرصة يغفل فيها العبد عن ذكر ربه، فيقع المؤمن عندها بتأثير أعمالهم، ويكون فريسة سهلة لمكائدهم، لذا فقد أرادت الشريعة المطهرة ألاّ تدع لعدوك إليك سبيلاً يسلكه، ولا تسلُّطًا يتسلط به عليك، فإن غفلت أو أُنسيت، أو شغلك شاغل عن ذكر ربك، فما أيسر من أن تتلفظ عندها بكلمات تلتجئ بقولهن إلى حمى مولاك، وتستجير بعزته، وتستمسك بقدرته، وتُظهِر بها مدى ضعفك وافتقارك، فيُضعِف اللهُ كيد عدوك، فيخنس عن قلبك. فإذا ما أردت - أخي المؤمن - أن تتخلص من كيد شياطين الإنس والجن، لتلج في حِرْز العبادة والتقوى، فما عليك إلا أن تستعين بخالقهم، وتستجير بجنابه سبحانه، وتلتجئ إلى حماه، وتلوذ بكنفه، فهو القادر سبحانه على إعاذتك من نزغات الشيطان، ومن كيد السحرة الفجرة، الذين ما فتئوا يخدمون شياطينهم ويتقربون إليهم.
لذلك كله فقد أرشدت الشريعة المطهرة إلى وجوب الاستعاذة بالله تعالى رحمة بهذا الإنسان وطلبًا لسلامته، وتحصينًا متواصلاً له، وهاك نصوصًا من كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم دالّة على ذلك:
- ... قال الله تعالى:[الأعرَاف: ٢٠٠]{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ *} .