للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإليك - أخي القارئ - ما يُعَدّ بحقٍّ أُمَّات النصوص في شأن السحر، والتي حُقَّ لمؤمنٍ أن يُمعِن النظر بها، ويستنبط منها كل ما يبصِّره بحقيقة السحر، وما يدعوه - في آنٍ - إلى الحذر منه، ومعاداة أهله. وقد عنيتُ بذلك نصَّيْن كريمين؛ الأول آية كريمة، والآخر حديث شريف، ولنصطلح على تسمية الآية: (آية السحر) ، والحديث: (حديث السحر) . وسأذكر كلاًّ، ثم أُتبِع ذلك ببعض ما استنبطه جهابذة أهل العلم في فقه ما يتعلق به.

[أ- النص الأول: آية السحر]

قال الله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اُشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ *} .

أولاً: تناسب مطلع الآية مع سِباقها:

إن سِباق الآية هو قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠١] {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ *} ، فما مناسبة ذلك مع آية السحر؟

إن سنة الله عز وجل جارية بأنه: ما أمات أحدٌ سُنَّةً إلا زاد في خذلانه، وذلك بأن يحيي الله على يد ذلك المُعرِض عن الحق بدعةَ ضلالةٍ، لذا فقد أعقب الله يهودَ حين نبذوا كلام الله - وهو سبحانه أَوْلى الأولياء -، أعقبهم إقبالاً على كلام الشياطين الذين هم أعدى الأعداء، فقال تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ ... } .

<<  <   >  >>