للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧-٨-٩ العيافة والطَّرْق والخطّ؛ أما العيافة فالمقصود بها: [زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرّها، وهو من فعل أهل الجاهلية] (١) ، وفي الأثر: «العيافة والطِّيَرة، والطَّرْق من الجبْت» (٢) ، أي من السحر (٣) ، أما الطِّيَرة: [فهي التشاؤم بالشيء، وأصلها التطيّر بالسوانح والبوارح (٤) من الطير والظّباء وغيرهما، وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه، وأخبر أن ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضرّ] (٥) ومن صور الطيرة أيضًا التشاؤم بالأسماء والأماكن والأشخاص، وهو داء دبّ في سائر الأمم إلى


(١) انظر: النهاية لابن الأثير (٣/٣٣٠) (عيف) .
(٢) أخرجه أبو داود في سننه؛ كتاب: الكهانة والتطيّر، باب: في الخطّ وزجر الطير، برقم (٣٩٠٧) ، وأحمد في مسنده، (٣/٤٧٧) ، من حديث قَبِيصَةَ بنِ مُخَارِقٍ رضي الله عنه.

والحديث: ضعيف لا يثبت؛ وذلك لاختلاف الرواة في إسناده عن عوف - وهو ابن أبي جميلة الأعرابي - فقد اضطربوا في تحديد اسم من روى عنه عوف، فقال بعضهم حيّان بغير نسبة له، وقال بعضهم حيّان أبي العلاء، أو حيّان بن عمير أو ابن مخارق، ما يشير إلى عدم الضبط، وهو موجب لضعف الحديث. انظر: غاية المرام برقم (٣٠١) .
(٣) [هذا ما يؤثر عن عمر رضي الله عنه، في معنى الجبت، وقال العلاّمة الجوهري في الصحاح: «الجبت» : كلمة تقع على الصنم والكاهن والسّاحر، ونحو ذلك، وهذا ليس من محض العربية، لاجتماع الجيم والتاء في كلمة واحدة من غير حرف ذَوْلَقِيّ] . انظر: تفسير ابن كثير ص ٤٣٤، ط - بيت الأفكار. وحروف الإذلاق - كما هو معلوم - مجموعة في قولك: [فِرْ مِنْ لُبّ] . ... [وهذه المعاني للجبت لا منافاه بينها، لأن العيافة والطّرق من عمل الكهان، والكاهن عامل بالسحر، والسحر من عمل الشيطان، كما أن عبادة الصنم هي شرك من عمل الشيطان] . انظر: معارج القبول للعلاّمة الحكمي (٢/٧٠٦) .
(٤) البوارح، جمع بارح، وهو الطير أو الظباء الذي يتشاءم به إذا ظهر وبرز، يقال: هو كبارح الأروى، وهو مثل يضرب للمشؤوم، وذلك أن الأروى مساكنها الجبال، فلا تكاد تُرى إلا نادرًا فإذا ظهرت عَظُم التشاؤم بها. أما السوانح: جمع سانح، وهو الطير أو الظباء الذي يتشاءم بعدم ظهوره، ومنه قول الراجز:
وهنّ يَبْرَحْنَ له بُرُوحًا ... وتارة يأتِينَه سُنُوحًا
انظر: معجم المقاييس لابن فارس (١/١٢٦) [مادة: برح] .
(٥) انظر: النهاية لابن الأثير (٣/١٥٢) .

<<  <   >  >>