للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو أن تأثيره يتعدى ذلك وقد ينتهي إلى الإحالة بحيث يصيّر الجماد حيوانًا مثلاً وعكسه؟

وقد ذهب جمهور القائلين بحقيقة السحر إلى أن تأثيره لا يتعدى تغيير المزاج أو التفريق بين متحابّين ونحوه، وذهبت طائفة قليلة منهم إلى قدرة الساحر على قلب عين أو إحالة طبع ونحوه. والواقع لا يشهد بما ذهب إليه هؤلاء، حيث إن كثيرًا من السحرة الذين يدّعون قدرة على تغيير الأشياء لا يستطيعون إقامة البرهان على ذلك] (١) . هذا، وقد [أجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل الله عنده إنزال الجراد والقُمّل والضفادع وفلق البحر وقلب العصا وإحياء الموتى وإنطاق العجماء، وأمثال ذلك من عظيم آيات الرسل عليهم السلام. فهذا ونحوه مما يجب القطع بأنه لا يكون ولا يفعله الله عند إرادة الساحر] (٢) .

الثاني: في إظهار فروق بين السحر وكلٍّ من المعجزة والكرامة (٣) .

أ- الفرق بين المعجزة والسحر: يتبين هذا الفرق من وجوه عديدة، منها ما يختص بماهية كل منهما، أو بالقرائن المصاحبة لهما، أو باعتبار القصد منهما، ويمكن إدراج ذلك في ثمانية فروق كالآتي:


(١) انظر: فتح الباري (١٠/٢٣٣) . هذا، وقد أطال ابن حزم في تقرير أن السحر لا يحيل الأعيان ولا يقلب الطبائع بما يستحسن مراجعته. انظر: الفصل في الملل والأهواء والنّحل، جـ٥، ص ٢ وما بعدها.
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٢/٤٧) .
(٣) انظر: في هذا المبحث: الفروق للإمام القرافي (٤/١٦٨) ، وفتح الباري لابن حجر (١٠/٢٣٣) ، وزاد المسلم للشنقيطي (٤/٢٢٨) ، والمُعلِم بفوائد مسلم للمازري (٣/٩٤) ، وتفسير القرطبي (٢/٤٧) ، ومقدمة ابن خلدون ص ٥٠٢، فقد اجتمعت عندي هذه الفروق من ذلك كله، لكني أثبتها بنقاط محددة تيسيرًا على أخي القارئ.

<<  <   >  >>