للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- التنجيم (١) : وهو [الاستدلال على الحوادث الأرضية بالأحوال الفلكية، والتمزيجُ بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية كما يزعمون] (٢) ، وهذا العلم قد يوهم ظاهرُ اسمه أنه لا تعلُّق له بالسحر، وأنه داخل في الكهانة أو العرافة، فالمنجِّم يستدل بالتشكُّلات الفلكية وأوضاع الكواكب على ما يكون - بزعمه - من حوادث في الكون، لكن الناظر في حال كثير من المنجّمين يدرك أنهم لم يقتصروا على إخبار الناس بما يكون من حوادث أرضية عامة؛ من نحو خسف، أو قحط، أو فيضان، أو هلاك بحرب، بل تعدَّوا ذلك إلى ما يختص الآدميين، فزعموا أن لحركة الكواكب في أبراج السماء تأثيرًا بذواتها على إحداث حسن طالع المرء أو شؤمه، ولهم في ذلك جداول مقررة بالغة في الدقة يحكمون بها - بزعمهم - من خلال حساب حروف الاسم، واسم الأم، وزمن الولادة، ومكانها؛ وذلك بإعمال ما يُعرف بحساب الجُمّل الكبير، مع إسقاط عددٍ بعينه من الجمع، ثم بحساب ما يفضُل ينسبون صاحب الاسم إلى برج من الإثني عشرَ برجًا المعروفة - من الحَمَل إلى الحوت - ليحكم بعدها المنجّم تبعًا للبرج، بطالع المرء من الكواكب السبعة السيارة، وبها يعرف سعوده أو نحوسه، وطبعه - مزاجه - وغير ذلك، والواقع أن حكمه إنما يكون بما يوحيه إليه شيطانه، فترى كثيرًا من الناس يسارعون إليهم، وقد يغيّر أحدهم اسمه، أو يفترق عن زوجه بسبب أنهما من طبائع كواكب مختلفة؛ فهذا ناريٌ وتلك مائية، وذاك هوائيٌ وزوجُه ترابية، أو أن فلانًا يولد له لكن امرأته عاقِرٌ - بحكم الكواكب عياذًا بالله - فيفارقها، وغير ذلك مما يدّعونه من تحكم بمصائر الناس، وكأن ذلك الساحر المنجّم قد سبق بتخرُّصه علمَ المَلَك الموكّل بكتابة الرزق والأجل والعمل والشقاوة أو السعادة للجنين، ونحن نعلم - كما في الحديث - أن ذلك المَلَك يسأل ربّه إعلامَه بحال الجنين، حتى يأمره ربُّه بما شاء سبحانه، فمالِ هؤلاء الدجاجلة


(١) انظر في هذا المبحث: معارج القبول للعلاّمة الحكمي (٢/٧٠١) .
(٢) التعريف لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. انظر: مجموع فتاواه (٥/١٩٢) .

<<  <   >  >>