للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: بيان الأحكام المتعلقة بالساحر.

هذا المبحث يشتمل على كل من المطالب الآتية:

١ - حكم ساحر المسلمين.

٢- حكم ساحر أهل الكتاب.

٣- حكم السواحر من المسلمات.

٤- حكم قبول توبة الساحر.

٥- حكم النُّشْرة، وهي حل السحر بسحر مثله.

١- حكم ساحر المسلمين (١) - وهو من تعلم سحرًا وعمل به وكان من المسلمين -: فالتحقيق أن يُنظر في السحر الذي استعمله فإن كان سحرًا مما ثبت أن الله تعالى قد كفّر بتعلمه من سحر هاروت وماروت، - ومنه سحر التفريق - أو مما تقولته الشياطين على ملك سليمان عليه السلام، أو ثبت أنه سحر اشتمل على كفر باعتقاد أو قول أو فعل، فلا شك بأن الساحر عندها يقتل كفرًا - أي أنه يستحق بكفره بسحره ما يستحقه المرتد - لقوله صلى الله عليه وسلم: «من بدّل دينه فاقتلوه» (٢) ، وأما إن كان الساحر قد عمل السحر الذي لا يبلغ بصاحبه الكفر - كالاستعانة بخواص النفوس أو الخواص المنسوبة إلى بعض الحقائق، أو استعماله لعقاقير وتدخينات تؤثر في بدن المسحور وإرادته - فهذا هو محل الخلاف بين العلماء، فمنهم من قال: يُقتل حدًا إذا عمل بهذا السحر، سواء قتل بسحره أحدًا أم لم يقتل، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم الأئمة: مالك وأبو حنيفة وأحمد في أصح الروايتين، وذهب الشافعي وابن المنذر ومن وافقهما إلى أن الساحر لا يقتل إن عمل بسحر لا


(١) استفدت هذا المطلب بكماله من أضواء البيان للعلاّمة الشنقيطي رحمه الله. وذلك باقتباسٍ واختصارٍ بما ييسّر على القارئ. انظر: منه (٤/٤٩٧-٥٠١) .
(٢) أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه؛ منها في كتاب الجهاد والسِّيَر، باب: لا يُعذّب بعذاب الله، برقم (٣٠١٦) ، وفي كتاب: استتابة المرتدين، باب: حكم المرتد، برقم (٦٩٢٢) ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما.

<<  <   >  >>