[مقدمة]
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ خُبْرًا، وَنَشَرَ رَحْمَتَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ نَشْرًا، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ؛ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَوْعَدَ الْكَافِرِينَ، وَأَضَلَّ الظَّالِمِينَ، وَأَسْبَلَ عَلَى الْعَاصِينَ سِتْرًا، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا، أَحْمَدُهُ جَلَّ وَعَلاَ أَبْلَغَ حَمْدٍ وَأَزْكَاهُ سِرًّا وَجَهَرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةً أَدَّخِرُهَا لِيَومِ الْفَصْلِ ذُخْرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَزْكَى الْوَرَى طُرًّا، اصْطَفَاهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بِشَارَةً وَنُذْرًا، وَامْتَنَّ عَلَيْهِ فَشَرَحَ لَهُ صَدْرًا، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرًا، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرًا. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْقَائِلُ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» (١) ، فَصَلاَةُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ تَتْرًا، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابِعِيهِمْ، وَعَظِّمِ اللَّهُمَّ لَهُمْ أَجْرًا.
أَمَّا بَعْدُ؛
فَإِنَّ مِمَّا يَسْتَهْوِي النَّفْسَ، وَتَعْظُمُ الرَّغْبَةُ إِلَيْهِ، تَشُوُّفَهَا لِمَعْرِفَةِ الْغَيْبِ، وَمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَالَمُ مِنْ أَسْرَارٍ مَخْزُونَةٍ وَعُلُومٍ مَكْنُونَةٍ، وَهِيَ تَسْعَى جَاهِدَةً إِلَى تَلَمُّسِ مَعَالِمِ ذَلِكَ الْمَسْتُورِ، مَا اسْتَطَاعَتْ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً، فَتَتَشَعَّبُ بِهَا الْمَسَالِكُ، تَارَةً بِالْحَدْسِ وَأُخْرَى بِالْكَهَانَةِ، وَطَوْرًا بِالْعِرَافَةِ وَالتَّنْجِيمِ، وَآخَرُ بِالسِّحْرِ وَالتَّسْخِيرِ، حَتَّى إِنَّكَ لَتَجِدُ أَنْفُسًا انْحَدَرَتْ فَاسْتَخَفَّتْ بِعُقُولِ أَهْلِهَا، فَسَوَّلَتْ لَهُمْ تَلَمُّسَ الْغَيْبِ بِقَرَاءَةِ كَفٍّ،
(١) جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب الصلاة، باب: استحباب القول مثل قول المؤذن، برقم (٣٨٤) ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute