بيان أنواع السحر، وعلاقتها بما يسمى (علومًا روحانية)
تمهيد: الغموض يكتنف عالم السحر:
إن المتتبع لما أُلّف عن السحر؛ من مصنفات تبحث في ماهيته وطرائقه وتأثيره، أو تلك التي تذكر أنواعه عَرَضًا بغية التعريف بها، ومن ثم بيان خطرها وذمّها بغرض التحذير منها، إن المستقرئ لذلك كله - أو لكثير منه- ليجد غموضًا يكتنف عالم السحر، وضبابية ترتسم من حوله، ما يجعل محاولة استقصاء أنواعه، ومعرفة ضروبه وفنونه أمرًا عسيرًا، دونه عقبات كؤود، قد يكون مرجعها إلى أمور أربعة:
أولها: ندرة المصنفات الأمهات في هذا العلم، والتي إن وُجد بعضها ضنّ أهلها بالتصريح فيها بطرائق أعمال السحر، فلا يُتاح لكل قارئ معرفتها، وآثروا - ولله الحمد - إبقاء مخبوء يكتمونه عمن هو ليس أهلاً لمعرفته!! ومما اشتهر من تلك المصنفات: كتاب (غاية الحكيم) للمجريطي (١) ، وكتاب (سحر النَّبَط)
(١) مسمى الكتاب بتمامه: (غاية الحكيم وأحق النتيجتين بالتقديم) ، ألفه صاحبه المجريطي: أبو القاسم مَسْلمة بن أحمد القرطبي [المتوفى سنة ٣٩٥هـ] ، في السحر على طريقة اليونان، فرغ منه سنة ٣٤٨هـ، ذكر فيه أنواع الطلسمات وفنون أنواع السحر، ورتبه على أربع مقالات، قال فيه: جمعت هذا الكتاب من ١٣٤ كتابًا للحكماء ونَفَحْتُه في مدة ستة سنين] . انظر: كشف الظنون لحاجي خليفة (٤/٣٠٠) . ومجريط: بلدة في الأندلس، وهي مدريد عاصمة أسبانيا اليوم. وقول المجريطي (نفحته) ، أي: أعطيته لقارئه هبة ومعروفًا، وهو قد فاض من عندي كنفخ الطِّيْب ونشره. انظر: معجم المقاييس لابن فارس (نفح) . قلت: ليته ما فعل، وما جهد نفسه بنفحه، فقد حوى كتابه الطامّات مما لا يحسن بالمسلم معرفته، فضلاً عن حرمة اعتقاده أو العمل به.