أَوْ تَبْصِيرٍ بِفُنْجَانٍ، أَوْ بَلَغَتْ فِي شَطَطِهَا أَنِ ادَّعَتْ تَحَكُّمًا بِالْقَدَرِ، بِمَا وَسِعَ عِلْمُهَا مِنْ أَسْرَارٍ لِحُرُوفٍ، أَوْ خَوَاصٍّ لأَِرْقَامٍ، أَوْ أَشْكَالٍ لأَِوْفَاقٍ، أَوْ رُسُومٍ طِلَّسْمِيَّةٍ، وَخُطُوطٍ رَمْلِيَّةٍ!! فَلَمْ يَدَعْ أُوْلَئِكَ الدَّجَاجِلَةُ مَسْلَكًا فِي تِلْكَ الْغِيَاهِبِ إِلاَّ سَلَكُوهُ، ضَارِبينَ عُرْضَ الْحَائِطِ بِمُسَلَّمَاتِ الشَّرِيعَةِ، وَمُغْمِضِينَ طَرْفًا عَنْ مَغَبَّةِ مَا اشْتَرَوْهُ في دُنْيَاهُمْ قَبْلَ خِزْيِهِمْ في عُقْبَاهُمْ.
هَذَا، وَإِنَّ مِمَّا يَبْلُغُ بِهِ العَجَبُ كُلَّ مَبْلَغٍ أَنَّكَ إِذَا وَلَجْتَ بَعْضًا مِنْ دُوْرِ الكُتُبِ، أَوْ سَارَتْ بِكَ قَدَمَاكَ مُعْتَلِيَةً أَرْصِفَةَ الطُّرُقِ، لَوَجَدتَّ كَمًّا هَائِلاً مَطْبُوعًا أَوْ مَخْطُوطًا، مِمَّا سَطَّرَتْهُ أَنَامِلُ آثِمَةٌ ثُمَّ سَمَّتْهُ زُورًا وَبُهْتَانًا - عُلُومًا رُوحَانِيَّةً، وَأَسْرَارًا نُورَانِيَةً، وَدُرَرًا حِكْمِيَّةً، وَعُهُودًا سُلَيْمَانِيَّةً، إِلى آخِرِ تِلْكَ المَنْظُومَةِ الَّتِي لاَ تَكَادُ تَنْقَضِي، اسْتَبْدَلَ أَهْلُهَا الَّذِي هُوَ شَرٌّ مَحْضٌ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ؛ فَأَعْرَضُوا عَمَّا نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَْمِينُ عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ صلى الله عليه وسلم، وَهُرِعُوا إِلَى زُخْرُفِ الْقَوْلِ غُرُورًا، وَمَا تُلْقِيهِ الشَّيَاطِينُ عَلَى قَلْبِ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، فَخَطَّتْ يَرَاعُهُمُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ، حَتَّى كَادَ الْمِدَادُ أَنْ يَنْفَدَ، وَالأَْنَامِلُ أَنْ تَكِلَّ. نَعَمْ، إِنَّ حَدِيثَ السِّحْرِ قَدْ مَلَأَ عَلَى النَّاسِ دُنْيَاهُمْ، وَطَبَّقَ ذِكْرُهُ الآفَاقَ، إِنَّهُ عَالمٌ يَتَتَبَّعُ أَسْرَارَهُ، وَيَهْرِفُ فِيهِ بِمَا لاَ يَعْرِفُ: كُلُّ مَنْ دَبَّ، وَلَوْ كَانَ أَكْذَبَ مَنْ دَبَّ وَدَرَجَ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَرَضَ مَكْتُوبَهُ عَلَى عَقْلِهِ فِي بُرْهَةِ إِنْصَافٍ لَهَبَّ عَقْلُهُ مُنْكِرًا عَلَيْهِ جُلَّ مَا كَتَبَ!
لِذَلِكَ كُلِّهِ وَجَدتُّ لِزَامًا عَلَيَّ - وَقَدْ تَحَصَّلَ لِي بَعْضُ اطِّلاَعٍ عَلَى زَيْفِ مَذْهَبِ أُولَئِكَ الْقَوْمِ - أَنْ أُبَيِّنَ لأَِهْلِ الإِسْلاَمِ المَسْلَكَ الأَقْوَمَ لِمَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ السِّحْرِ، وَغَايَةِ أَثَرِهِ، مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَحْذِيرِهِمْ مِنْ مُقَارَبَتِهِ أَوْ فَعْلِهِ، وَتَبْيِينِ جَسِيمِ خَطَرِهِ عَلَى المُجْتَمَعِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ أَتْبَعْتُ ذَلِكَ بِذِكْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute