للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- ... فإن كان سحرًا حقيقيًا - من غير ما سبق - كالسحر بخواص النفوس القوية، أو بخواص العناصر الأرضية كدهن خاص أو مائعات خاصة، أو بخواص أدوية وعقاقير كالمرائر والأكباد والأدمغة لحيوانات معينة، مما له أثر في الواقع على المسحور بتغير الطبع أو العادة ونحوه، فإن ذلك السحر يحرم حرمة شديدة، لكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر، إلا إذا استحلّ الساحر ما يفعله، واعتقد إباحته، والله أعلم.

بقي استكمالاً لبيان هذا المبحث التنبيه على مسألة أوردها أبو عبد الله الرازي في «تفسيره» .

تفيد بأن علم السحر ليس بقبيح ولا محظور بل هو جائز وقد يكون واجبًا في حال من الأحوال، مما يُشكِل على قارئه، ويوهمه خلاف المذهب الحق، أردت نقلها كما هي، ومن ثم إثبات وجوه ردّ الإمام ابن كثير عليه بنص كلامه، إتمامًا للفائدة إن شاء الله تعالى.

قال الإمام ابن كثير رحمه الله - في تفسيره (١) ناقلاً كلامًا للرازي من تفسيره: [المسألة الخامسة: في أن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور: اتفق المحققون على ذلك؛ لأن العلم لذاته شريف، وأيضًا لعموم قوله تعالى: [الزُّمَر: ٩] {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} ، ولأن السحر لو لم يكن يُعلَم لَما أَمْكَنَ الفرقُ بينه وبين المُعجِز، والعلم بكون المُعجِز مُعجِزًا واجب، وما يتوقف الواجب عليه فهو واجب، فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبًا، وما يكون واجبًا كيف يكون حرامًا وقبيحًا؟] ثم قال الإمام ابن كثير رادًا عليه في هذه المسألة ما نصه: [هذا لفظُه بحروفه في هذه المسألة، وهذا الكلام فيه نظرٌ من وجوه، أحدها: قوله: (العلم بالسحر ليس بقبيح) ، إن عنى به ليس بقبيح عقلاً، فمخالفوه من المعتزلة يمنعون


(١) انظر: في نقل المسألة وردّها، ص ١٢٩-١٣٠ من التفسير المذكور، ط - بيت الأفكار.

<<  <   >  >>