للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء، وهم جمهور العلماء على ما نقله الإمام ابن كثير أيضًا في تفسيره (١) عن الوزير يحيى بن محمد بن هبيرة (٢) في كتابه (الإشراف على مذاهب الأشراف) ، حيث قال: [اختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يكفر بذلك، ومن أصحاب أبي حنيفة من قال: إنْ تعلّمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر، ومن تعلّمه معتقدًا جوازه أو أنه ينفعه كَفَرَ، وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر، وقال الشافعي رحمه الله: إذا تعلّم السحر قلنا له: صِفْ لنا سحرك، فإنْ وَصَفَ ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابلَ من التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل ما يُلتمس منها، فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفرَ فإن اعتقد إباحته فهو كافر] . اهـ.

هذا ويقول ابن قدامة المقدسي رحمه الله: (تعلم السحر وتعليمه حرام على المذهب الصحيح، لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم) (٣) . ويقول النووي رحمه الله: (تعلّمُ السحر حرام على المذهب الصحيح، وبه قطع الجمهور، كالفلسفة والشعبذة والتنجيم وعلوم الطبائعيين وكل ما كان سببًا لإثارة الشكوك) ، ويقول أيضًا: ويحرم تعلمه وتعليمه لقوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ، فذمّهم على تعليمه، لأن تعلّمه يدعو إلى فعله وفعله محرّم، فحرم ما يدعو إليه (٤) . هذا وقد يكون من أصرح ما يدل على علة تحريم تعلّم السحر، ما تنبّه إليه العلاّمة الشنقيطي رحمه الله، بقوله: (اعلم أن الناس قد اختلفوا في تعلم السحر من غير عمل به،


(١) انظر: ص ١٣٢ من التفسير المذكور، ط - بيت الأفكار.
(٢) هو الوزير الصالح العالم العادل يحيى بن محمد، ويكنى أبا المظفّر، (٤٩٩-٥٦٠هـ) ، حفظ القرآن الكريم وختمه بالقراءات والروايات، وكان عبدًا لله تقيًا. انظر: ترجمته مستوفاة في «شذرات الذهب» (٤/١٩١-١٩٧) ، و «ذيل طبقات الحنابلة» (٣/٢٥١-٢٨٩) .
(٣) انظر: المغني مع الشرح الكبير (١٠/١٠٦) .
(٤) انظر: المجموع شرح المهذب (١/٢٧) - (١٩/٢٤٠) .

<<  <   >  >>