مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي» (١) . فإن كان التعجُّل مذمومًا حالَ الدعاء، عندما تعظم الرغبة في الاستجابة، فكيف بما دون ذلك من أمور الدنيا؟!
* ... والغضبُ: وهو آفة الخُلُق، ويكون بتوقّد جمرة في قلب ابن آدم تؤزُّه على إنفاذ ما يريده قسرًا، وإن الملقي لهذه الجمرة الخبيثة هو الشيطان الرجيم؛ يلقيها على حين غفلة من هذا القلب عن ذكر الله. وكم ألحق الغضب بابن آدم من ويلات تندَّم بعد وقوعها، بل استغرب أحيانًا صدورها عنه، لكنْ لاتَ ساعةَ مَنْدَمِ، فكم من قتيل - بغير حق - وطلاق بغير بصيرة، وعداوة بغير مسوِّغٍ، وقطيعة رحم جرَّاء غضب في ساعة غفلة، غطى عقل صاحبه، وأحرق الحكمة المودعة في قلبه، فاستحال شبيهًا بمجنون، لا يعي ما يقول ولا يدرك ما يفعل، فغلب الشيطان على عقله واستحوذ على بصيرته فأوقعه بما لا يريد فأورده المهالك، والمرء يحسب - أنه في ذلك كله - ينتصر لنفسه، ويُنْفِذ رأيه، ويحقق مراده. لذا، فقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الوقوع بمثل هذا الفخ الشيطاني المتكرر، حيث حذر عليه الصلاة والسلام مرارًا من الغضب، وأرشد النبيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم إلى قول الكلمة الطيبة، وإلى أن يملك المؤمن نفسه عند الغضب، وأن يكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وبالوضوء عند الغضب، كما أرشد عليه الصلاة والسلام إلى تغيير هيئة الغضبان بجلوسٍ بعد قيام، وباستلقاء بعد
(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: الدعوات: باب: يُستجابُ للعبد ما لم يعجل، برقم (٦٣٤٠) ، ومسلم؛ كتاب: الذِّكْر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل، برقم (٢٧٣٥) .