للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حقه، وفي طاعة الله بمباح أو قُرْبَةٍ، وهو يعلم أن مِنْ أَحَبِّ ما يُنفَق به المال عند الله تعالى: ما كان زكاةً، أو صلة أرحام، أو إحسانًا إلى جار مسكين، أو إجابةً لسائل. وحيث يجانب المؤمنُ ذلك فقد قارب التشبه بصفة الشيطان في التبذير والسَّفَه، الذي يودي به إلى كفرٍ بالنعمة وجحود بها، وذلك باستعمالها في غير ما وُهِبَتْ لأجله، فيتآخى المسرف المبذر مع الشيطان من هذه الحيثية، فيكون للشيطان على إخوانه المبذرين سبيل للغواية ونوع تسلطٍ على قلوبهم الجاحدة.

قال تعالى: [الإسرَاء: ٢٦-٢٧] {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيْاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا *} .

وقال سبحانه: [الفُرقان: ٦٧] {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا *} .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأُ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» (١) . وجاء رجل إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام، فقال: يا رسول الله، مَنْ أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» (٢) .


(١) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: البيوع، باب: من أحبّ البَسْط في الرزق، برقم (٢٠٦٧) ، ومسلم؛ كتاب: البِرّ والصلة والآداب، باب: صلة الرَّحِم وتحريم قطيعتها، برقم (٢٥٥٧) .
(٢) أخرجه مسلم - واللفظ له -؛ كتاب: البرّ والصلة والآداب، باب: بِرّ الوالدين وأنهما أحقُّ به، برقم (٢٥٤٨) ، وعند البخاري؛ من غير زيادة: «ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ» في آخره. كتاب: الأدب، باب: من أحق الناس بحسن الصحبة، برقم (٥٩٧١) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>