للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من المواد السَّمِّيَّة، خاصة وأنه قد وقع في روايات أخرى (١) : الترخيص بالرقية من الدم والنَّمْلة (٢)) .

هذا جواب، وجواب آخر: (قيل: المراد بالحصر معنى الأفضل، أي: لا رقية أنفع، كما قيل: لا سيف إلا ذو الفقار) (٣) . (فليس معنى الحديث إذًا تخصيص جواز الرقية بهذه الثلاثة - أي مع النَّملة - وإنما معناه: سئل عن هذه الثلاثة فأذِن فيها، ولو سئل عن غيرها لأذِن فيه. وقد أذِن صلى الله عليه وسلم لغير هؤلاء، وقد رقى هو صلى الله عليه وسلم في غير هذه الثلاثة، والله أعلم) (٤) .

المسألة التاسعة: هل تَرُدُّ الرقى من قَدَر الله من شيء؟

الجواب: أن الرقى، والتداوي بعامة، لا يعارض قدر الله تعالى، بل هي مما قدَّره الله تعالى، فجعله سببًا عظيمًا للاستشفاء، فكما أن «الْعَيْنُ حقٌّ» (٥) ، والإصابة بالعين شيء ثابت موجود، أو هو من جملة ما تحقق كونُه، كذلك فإن الرقية تحقَّقَ كونُها سببًا للاستشفاء بها من العين، وغيرها.

والحاصل من ذلك: أن المرض، ووقوع ضرر العين، والحسد، والسحر، والمس، لا يكون إلا بإذن الله، ُ صلى الله عليه وسلم [البَقَرَة: ١٠٢] {وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ... } . فكذلك الرقى المشروعة لا يقع نفعها إلا بإذن الله تعالى. وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرقية هي مما قدَّره الله سببًا للنفع بإذنه، وذلك حين استشكل أبو خزامة رضي الله عنه - من بني الحارث بن سعد -


(١) انظر: أبا داود (٣٨٨٤) ، والترمذي (٢٠٥٧) ، وابن ماجه (٣٥١٣) .
(٢) سبق التعريف بالنملة والحُمَة ص ١٣٤، بالهامش ذي الرقم (٢) .
(٣) نص الجوابَيْن للإمام ابن حجر رحمه الله. انظر: الفتح (١٠/٢٠٦) . وقد أجاب الإمام ابن القيم، بمثل الجواب الثاني أيضًا. انظر: زاد المعاد (٣/١٤٢) .
(٤) هذا الجواب الأخير، للإمام النووي رحمه الله. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي (١٤/٤٠٦) .
(٥) سبق تخريجه ص٦٥، بالهامش ذي الرقم (١) .

<<  <   >  >>