للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعد وفاة سَيْف الدين المَلِك العَادِلِ تَحْركت التَّتَار من الشَّرْق، وهم نوع من التُّرك، مَسَاكنِهم جِبال ضمعاج من نحو الصِّين، يسجدون للشمس عند طلوعها، ولا يُحَرِّمون شَيئًا، ولا يُحْصَون كَثْرَة، وبَدَأ تَحَرُّكُ الصَّلِيبِيِّين من الغرب، وكانوا ينتظرون انتهاء مدة الصُّلْح الَّتى كانت بينهم وبين المسلمين، والصَّليبيُّون فى أثناء الهُدْنَة يُهَيِّئُون أنْفسهم، ويُجْمِعُون جموعَهم لِشنِّ حَمْلَةٍ كُبْرَى على المُسْلِمين عند انتهاء الهُدنة وكانت مصْرُ عَاصِمَةً آنذاك فلذا حَوَّلوا وجهتَهم هذه المَرَّة إلى مصر بدل الشام فَاتَّجهوا إلى دميَاط، واستَوْلَوا عليها بعد مَعَارك ضارِيَة عام (٦١٦) (١) وبقيت فى أيديهم حتى استنقذها الملك الكامل محمد بن عادل بن أيُّوب سنة (٦١٨) بعد مَوْت أبيه، ورَدَّهم على أعقابهم مُكْرَهين خَاسِرين (٢).

وفى المشرق استَولَى التَّتَار على سَمَرقَنْد، وهَزَمُوا السُّلْطَان عَلَاء الدِّين، ومَلَكُوا الرّيّ وهَمَذَان وقَزْوِين، وحَارَبُوا الكَرَج، ومَلَكُوا فَرْغَانَة والتِّرمِذْ وخُوَارِزْم، وخُرَاسَان، ومرو، ونَيْسَابُور، وطُوس، وهَرَاة، وغَزْنَة (٣).

وفى عام (٦٢٥) خَرَج التَّتَار إلى بلاد الإسلام، فكانت لهم عِدَّة حُرُوب مع السُّلْطان جَلَال الدِّين خوارزم شاه، كُسِر فيها غير مَرَّة، ثم ظَفِر أخيرا بهم، وهَزَمهم، فلما خَلا سره فيهم سَارَ إلى خِلَاط من بِلاد الأَشْرف، فَنَهَب وسَبَى الحَرِيم واسْتَرَقَّ الأَولَاد، وقتل الرِّجال، وخَرَّب القُرَي، وفعل ما لا يَفْعَله أهل الكُفْر، ثم عَادَ إلى بِلَادِه (٤).


(١) البداية والنهاية ١٣/ ٨٠ وشذرات الذهب ٥/ ٦٥.
(٢) الكامل لابن الأثير ١٢/ ٣٣٠ والشذرات ٥/ ٧٩.
(٣) السلوك للمقريزي ١/ ١/ ٢٠٥ والبداية والنهاية ١٣/ ١٢٣ أيضًا.
(٤) راجع السلوك للمقريزى ١/ ١/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>