للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا: هَذَا البلد أكثر بلاد الله مَسَاجِد، حتى أنّ تَقدير النَّاس لها يُطَفّف، فمنهم المُكْثِر والمُقَلِّل، فالمُكثِر ينتهى فى تَقْدِيره إلى اثنى عشر ألف مَسْجدٍ، والمُقلِّل ما دُوْن ذلك لا يَنْضبط، فمنهم من يقول: ثمانية آلاف ومنهم من يقول غير ذلك، وبالجملة فهى كَثيرةٌ جِدًّا، تكون منها الأربعة والخَمْسَة فى موضع، ورُبّما كانَتْ مركبة وكلها بأئمة مُرتّبين من قبل السُّلْطان وهَذَا يدُلّ دلالةً واضحةً على غلبة النَّزعة الدِّينِيَّة فى الإسكندرية فى عَصْر سَيطَرت فيه الرَّغْبة فى الجهاد والرّباط (١).

ومثل ما اهتَمّ بها صَلَاح الدّين اهتَمّ بها كُلّ من جَاءَ بعده، خَاصَّة السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر ركن الدين بيبرس، ولهذا يُعَدّ عَصر هذا السُّلْطان أزْهَى عُصُورِها الإسلامية فقد اهتَمّ هذا السُّلْطان المَمْلُوكي بثغر الإسكندرية اهتمامًا خاصًّا وعِناية فاقَتْ عنِايةَ من سَبَقه من المُلُوك والسَّلَاطِين، ومن خَلَفه على السَّوَاء وعلى الرّغم من المُشْكِلات الخَطيرة التى تُهَدِّد دَولتَه، وهذه المشكلات تتَمثل فى الخطرين الصَّليبِي والمَغُولِي، ويَبدُو أن هذين الخَطَرين كَانَا حَافِزين للسُّلْطان للاهتمام بتحصينات الثغور المِصْرِيّة بوجه عَام والإِسكندرية بِوَجهٍ خَاصّ وكان يَزُور الإسكندريّة بين حَينٍ وآخر، وكان يجرِي بعض الأعمال الإصلاحية فى كلِّ مَرَّة، فَتَرك فيها من الآثار فى كل زيارةٍ ما نَوَّه به المؤرّخون وأشادُوا بذكره. (٢)


(١) رحلة ابن جبير ص: ١٧.
(٢) راجع تاريخ الإسكندرية للدكتور السيد عبد العزيز ص: ٢٧٥ وما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>