للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩- العمل على تحقيق وحدة الأمة:

الهدف العاشر: هو أن الحفاظ على وسطية الأمة وتميزها وفق قاعدة الإيمان بالله، والأخوة في الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يكتمل إلا بالعمل على وحدة هذه الأمة، والحفاظ على هذه الوحدة.

إن العقيدة الإسلامية، هي عقيدة التوحيد التي تشهد بها سنن الكون، وناموس الوجود، وفي تصوير هذا الهدف الشامل للأمة، يقول الحق تبارك وتعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢] .

"إن أمتكم. أمة الأنبياء أمة واحدة تدين بعقيدة واحدة وتنهج نهجا واحدا، هو الاتجاه إلى الله دون سواه، أمة واحدة في الأرض، ورب واحد في السماء، لا إله غيره ولا معبود إلا إياه، أمة واحدة، وفق سنة واحدة، تشهد بالإرادة الواحدة في الأرض والسماء"١.

وكما تجتمع أمة الإسلام حول إله واحد، ومنهج واحد، ورسول واحد؛ فإنها تجتمع وتتوجه حول قبلة واحد.. قبلة تجمع هذه الأمة وتوحد بين أبنائها على اختلاف مواطنهم، واختلاف مواقعهم، واختلاف أجناسهم وألسنتهم وألوانهم، فيحسون أنهم جسم واحد، وكيان واحد، يتجه نحو هدف واحد، ولتحقيق منهج واحد.

وهكذا وحد الله هذه الأمة، وحدها في إلهها، ورسولها، ودينها، وقبلتها، ولم يجعل وحدتها تقوم على قاعدة من قواعد الوطن أو الجنس أو اللون، ولكن تقوم على عقيدتها وقبلتها، ولو تفرقت في مواطنها وأجناسها وألوانها ولغاتها.. إنها الوحدة التي تليق ببني الإنسان؛ فالإنسان يجتمع على عقيدة القلب، ومنهج الفكر، وقبلة العبادة، إذا تجمع الحيوان على المرعى والكلأ والسياج والحظيرة٢.

ولا بد من تربية الإنسان المعاصر على الإيمان بضرورة التجمع والتكتل حتى تستعيد الأمة ما كان لها من قيادة وريادة للإنسانية. فقد كان الأستاذ حسن البنا يقول: "إن عصر الكيانات الصغيرة قد ولى، وإن الأمم الصغيرة لا تستطيع أن تعيش حياة كريمة في عصر التجمعات الكبيرة والقارات، وكان يمثل الوحدة بالعدسة التي تجمع الأشعة المتفرقة من أشعة الشمس فتحرق بها الجسم الذي يتعرض لها.. فاجتماع الأشعة في بؤرة واحدة، قد أكسبها قوة وشدة وبأسا وتأثيرا٣.

نحن إذن في حاجة إلى منهج لتربية الإنسان المعاصر القادر على الإسهام بإيجابية وفاعلية في تقوية الروابط التي تعيد لهذه الأمة وحدتها، وقيادتها، وسيادتها، المسلم الذي يعمل تحت شعار "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".


١ المرجع السابق، ص٢٣٩٥-٢٣٩٦.
٢ المرجع السابق، ص١٣٤.
٣ حسن البنا: حديث الثلاثاء، سجلها وأعدها للنشر أحمد عيسى عاشور، مكتبة القرآن القاهرة، ص٣٦٤-٣٦٥.

<<  <   >  >>