لكن حسن أداء الإنسان لرسالته في الأرض وفق منهج الله، أي: تحقيقه لذاته يقتضي إعداد الإنسان إعدادا جيدا، وشحذ كل استعداداته وقواه المدركة، الظاهرة والباطنة، إلى أقصى حد هيأها الله له، فالولد لا بد أن يعد ويهيأ كي يكون رجلا يقوم بمسئولياته كرجل في العمل والإنتاج والبناء والتشييد وعمارة الحياة وترقيتها. والبنت لا بد أن تعد وتهيأ كي تكون أنثى، وأما، ومربية، ومدبرة لمنزلها وأسرتها، وعاملة أيضا، أو موظفة، فيما يناسبها من الأعمال.
ويتم إعداد الإنسال كي يحقق ذاته، ويحسن أداء رسالته وفق منهج الله، عن طريق التربية في الأسرة، والمدرسة، والنادي، والمجتمع. فإذا كان البيت هو أقوى هذه الوسائل الأربعة -بحكم التصاق الناشئة به، وقضائهم فيه أطول فترة من طفولتهم وصباهم وشبابهم- فإنه الآن قد تفكك أو في طريقه إلى التفكك بسبب غياب عماد هذا البيت، وهو الأم في العمل خارج البيت.
هنا تبرز المدرسة، بمناهجها المخططة وفق نظام دقيق لتحقيق أهداف محددة وواضحة، كأبرز مؤسسة تربوية في عصرنا الحاضر.
إن هذا يلقي على عاتق المنهج المدرسي عموما، ومنهج العلوم الإنسانية واللغات على وجه الخصوص تبعة تربية البنت تربية تؤهلها لكي تكون زوجة وأما ومدبرة بيت، ومربية أجيال في المقام الأول، ثم يأتي شيء آخر بعد ذلك.
فمنهج التربية الإسلامية -في المجتمع المسلم الذي يلتزم بتنفيذ شريعة الله- هو ذلك المنهج الذي يساعد الفتاة على تحقيق ذاتها وفق الفطرة:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: ٣٠] ، وذلك عن طريق إعدادها في مرحلة الشباب الباكر لمهمتها العظيمة المرتقبة، فإذا جاء الزواج كانت مهيأة لدورها بطريقة ملائمة.
إن ما أراده الله فطرة لا ينبغي للبشر أن يحيدوا عنه، لأنهم حين يحيدون عنه يفسدون لا محالة، وبتحقيق فطرة الله في الإنسان، تتحقق الذات الإنسانية، وهذه هي المهمة الرئيسية لمنهج التربية في التصور الإسلامي.