لا بد أن يدرك الناشئة أن نظام الشورى في التصور الإسلامي واجب ابتداء وملزم انتهاء. وأن الشورى تقوم على أساس الحاكمية لله وحده، فهو المشرع وحده دون البشر؛ لذلك فهي ليست كالديمقراطيات في النظم العلمانية التي تفصل الدين عن المجتمع والدولة.
لا بد أن يدرك شباب الأمة أن الشورى جزئية في النظام الإسلامي العالمي النزعة، الذي يرمي إلى ضم البشرية تحت لوائه متساوية متآخية متكاملة، وذلك على أساس وحدة الإنسانية في الجنس والطبيعة والنشأة. لذلك فنظام الشورى لا يقوم على أساس قومي أو شعوبي أو عنصري، يحلل الحرام لأمته، ويحرم الحلال لغيرها.
ونظام الشورى لا يتبع مبدأ "الأكثرية" لو كانت على ضلال، لأن شريعة الله هي المعيار سواء تبعها الأكثرية أو الأقلية. فالأكثرية الضالة عن منهج الله ليست حجة، وأكثر الناس غالبا على ضلال:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[الأنعام: ١١٦] .. {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف: ١٠٣] .
لا بد من فهم الناشئة أن نظام الشورى جزئية في النظام الإسلامي الكبير الذي يجعل السيادة لشريعة الله، ثم للأمة إذا ارتضت تطبيق منهج الله، ثم للحاكم إذا نفذ شروط التعاقد بينه وبين الأمة التي تطبق شرع الله. وبذلك فنظام الشورى حصن الأمة ضد الطغيان، حين جعل التشريع الإسلامي مستقلا في جوهره عن الدولة، ففصل بذلك بين السلطة التشريعية ممثلة في شرع الله، وبين السلطة التنفيذية بما فيها السلطة القضائية. وبذلك أبعد الإسلام السلطة التنفيذية عن أشخاص القائمين عليها، وذلك لخضوعهم في ممارستهم لها لدستور مسبق هو شرع الله. وبذلك حمى المجتمع من طغيان هذه السلطات.
فعلى منهج التربية أن يوضح للناشئة أصول الحكم في الإسلام على أساس الشورى، ويوضح لهم صور الحكم التي يمكن أن تقوم على أساس الشورى. ويقارن ذلك بالديمقراطية العنصرية التي تحلل الحرام لأهلها، وتحرم الحلال لغير أهلها، كما يقارن الشورى أيضا بنظم الحكم الجماعية التي تقوم على أفكار تناهض الفطرة الإنسانية ومقتضياتها، فتلغي القيمة الحاسمة لحرية الإنسان واختياره وإرادته في تغيير الحياة. فكل هذه النظم لا يمكن أن تنمو الحياة الإنسانية في ظلها نموا سليما، وترقى ترقيا صحيحا.