إنه لا بد من ترسيخ مفاهيم العدل والسلام في عقول الطلاب وضمائرهم وسلوكياتهم. إن إنسان هذا العصر يعاني من الفقر الشديد في السلام مع نفسه، ومن فقر مماثل في السلام مع الكون من حوله. ومن أوضح مظاهر الفقر في السلام مع النفس، انتشار الأمراض النفسية والعقلية والعصبية نتيجة عدم الإيمان بالله، وعدم وضوح المنهج والهدف، وكثرة الإضلال والتضليل. وما ترتب على ذلك من شيوع الإدمان، والانتحار والاغتصاب -رغم الإباحية الجنسية- والإيدز والمخدرات والتلوث ... إلخ.
ومن أوضح مظاهر الفقر في السلام مع الكون، الاختلال الواضح الآن في توازن البيئة، بسبب الكم الهائل من مخلفات المصانع والمواد الكيماوية المنطلقة في الجو، وما أدى إليه من تآكل طبقة "الأوزون" في الغلاف الجوي المحيط بالأرض مما يعتبر خطرا داهما يهدد البشرية كلها بآثار لا يفوقها في المخاطر والأهوال سوى النتائج المترتبة على قيام حرب نووية تبيد سكان هذا الكوكب، وتقضي على حضارة الإنسان. ويمكن الإضافة إلى هذا تلاحق الحوادث الخطيرة التي باتت تهدد الإنسان مثل كوارث المفاعلات النووية، ودفن النفايات الكيماوية السامة في قيعان البحار أو في بلاد العالم الفقيرة!
والحقيقة أنه إذا كان كل نذر الفوضى والخراب والدمار تندلع شرارتها من عقول البشر، فإن استحكامات العدل والأمن والسلام ودفاعاتها يمكن أن تبنى أيضا في عقول البشر وضمائرهم. ومنهج التربية في الإسلام هو المنهج الوحيد القادر على بناء قواعد العدل واستحكامات السلام في عقول البشر وضمائرهم. فالذي لا شك فيه أنه إذا اكتملت تربية الإنسان واكتمل تأهيله وفق منهج الله، فإن الاستقامة على العدل والسلام تصبح طابعه الحضاري.