الهدف التاسع: هو استعادة تميز الأمة. إن الإنسان المعاصر إذا أراد أن يعيش كريما، معززا على هذه الأرض، فلا بد له من أن يعمل على استعادة تميز هذه الأمة في عقيدتها، وفي منهجها، وفي اتجاهها.
إن هذه العقيدة منهج حياة كامل، وهذا المنهج الذي يميز الأمة المستخلفة الوارثة لتراث العقيدة، الشهيدة على الناس، المكلفة بأن تقود البشرية كلها إلى الله.. وتحقق هذا المنهج في حياة الأمة المسلمة هو الذي يمنحها ذلك التميز في الشخصية والكيان، وفي الأهداف والاهتمامات، وفي الراية والعلامة، وهو الذي يمنحها مكان القيادة الذي خلقت له، وأخرجت للناس من أجله، وهي بغير هذا المنهج ضائعة في الغمار، مبهمة الملامح، مجهولة السمات، مهما اتخذت من أزياء ودعوات وأعلام!.
إذن فالإنسان العربي لا بد أن تميز أمته كي يتميز هو ويتخصص هو بعقيدته ومنهجه واتجاهه.. فهذا التميز تلبية للشعور بالامتياز والتفرد، كما أنه بدوره ينشئ شعورا بالامتياز والتفرد.
"ومن هنا كذلك كان النهي عن التشبيه بمن دون المسلمين في خصائصهم، التي هي تعبير ظاهر عن مشاعر باطنة، كالنهي عن طريقتهم في الشعور والسلوك سواء، ولم يكن هذا تعصبا ولا تمسكا بمجرد شكليات، وإنما كان نظرة أعمق إلى ما وراء الشكليات، وكان نظرة إلى البواعث الكامنة وراء الأشكال الظاهرة، وهذه البواعث هي التي تفرق قوما عن قوم، وعقلية عن عقلية، وتصورا عن تصور، وضميرا عن ضمير، وخلقا عن خلقا، واتجاها في الحياة كلها عن اتجاه"١.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد خرج على جماعة فقاموا له:"لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا""رواه أبو داود وابن ماجه".
نهى عن تشبه في مظهر أو لباس، ونهى عن تشبه في حركة أو سلوك، ونهى عن تشبه في قول أو أدب.. لأن وراء هذا كله ذلك الشعور الباطن الذي يميز تصورا عن تصور، ومنهجا في الحياة عن منهج، وسمة للجماعة عن سمة.
ونهى عن التلقي من غير منهج الله الخاص الذي جاءت هذه الأمة لتحقيقه في الأرض. يقول الله -سبحانه- عن الهدف النهائي لليهود والنصارى في شأن المسلمين بصفة عامة: