إن إدراك الطلاب لمفهوم الثقافة والحضارة أمر في غاية الأهمية. وهنا يجدر الإجابة عن الأسئلة التالية:
ما معنى الثقافة؟ ومن هو المثقف؟ وما علاقة الثقافة بمناهج التربية؟
الثقافة هي الأسلوب الكلي لحياة المجتمع، الذي يتسق مع تصوره العام للكون والإنسان والحياة. وهذا المفهوم يشتمل على شقين رئيسيين:
الشق الأول عام لا يختلف باختلاف المجتمعات. فالثقافة هي طريقة المجتمع -أي مجتمع- في الحياة، فالطريقة التي يفكر بها الناس في مجتمع ما، ويعملون بها، وتقوم عليها نظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية, والطريقة التي يتحدثون بها, ويسيرون بها في الشوارع، ويقودون بها السيارات، ويتعاملون بها مع بعضهم البعض داخليا، ومع الآخرين خارجيا، وعاداتهم وتقاليدهم.. إلخ كل هذا يطلق عليه الأسلوب الكلي لحياة الجماعة، فكل جماعة لها أسلوبها الكلي وطريقتها الشاملة في الحياة. وعند هذا الحد لا يختلف مجتمع عن آخر في أن له أسلوبا وطريقة للحياة.
ولكن ما الذي يجعل المجتمع المصري -مثلا- يختلف عن المجتمع الأمريكي أو المجتمع الروسي؟ الإجابة هي أن كل مجتمع له أسلوب للحياة وله طريقة للعيش تتسق مع عقيدته أو مع فلسفته، والفلسفات المختلفة هي سبب اختلاف الثقافات واختلاف أساليب الحياة وطرائق المعيشة. ووظيفة مناهج التربية هنا هي أن تعد أبناء المجتمع المصري -مثلا- لعيشوا الحياة المصرية التي تتسق مع الرؤية المصرية التي تتسق مع دستور مصر وعقيدتها ورؤيتها للكون والإنسان والحياة. وهذا الدور لا تقوم به مناهج التربية الدينية والتربية الوطنية فقط، وإنما ينبغي أن تقوم به أيضا مناهج اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والاجتماعيات والإنسانيات خصوصا، والعلوم التطبيقية على وجه العموم.