١٣- تعميق شعور الإيمان بالعدل كقيمة لا تعمر الحياة بدونها:
لا بد أن تدرك الأجيال الناشئة أنه إذا كانت وظيفة العلم هي إعمار الأرض وترقية الحياة، فإن هذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا كان مستندا إلى عدل الله. فالعلم إذا لم يستند إلى عدل الله ينقلب إلى وسيلة للخراب والدمار للمجتمع البشري كله.
فالعدل -إذن- هو القيمة التي توجه غايات العلم نحو خير الإنسان والإنسانية جميعا.
والعدل كما وضحه بعض الفقهاء والمفسرين هو تنفيذ حكم الله، أي: أن يحكم الناس وفقا لما جاءت به الشرائع السماوية. ولما كانت الشريعة الإسلامية هي كمال هذه الشرائع. فإن العمل بها إذن تحقيق للعدل الذي أمر الله به.
وتندرج تحت هذا المعنى العام للعدل معانيه الخاصة:
فهناك العدل في الحكم، والعدل في النظام الاجتماعي للأمة، والعدل في القضاء، والعدل في سياسة الاقتصاد، والعدل بين الرجل والمرأة، والعدل في الحقوق والواجبات، والعدل في التربية والتعليم، والعدل في القول، والعدل في العمل.. إلخ.
ولما كان العدل على هذه الدرجة من الأهمية في التصور الإسلامي، جعله الله واجبا حتى على الأنبياء:{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص: ٢٦] .
والعدل واجب حتى للأعداء. وهذه من أعظم فضائل الإسلام. وقد ورد النص على ذلك صريحا في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: ٨] .