المنهج الإسلامي يستوعب كل وسيلة كريمة من الوسائل المعينة على التعليم والتعلم، قديمة أو حديثة، ما دامت تسهل عملية التعليم، وتساعد على تنفيذ المنهج:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] .
ولا ريب أن إنشاء جسر بين عالم المعاني والأفكار النظرية وعالم المدركات الحسية من الأمور الأساسية في عملية التعلم، منهج استخدام الوسائل قديم، استخدمه الحق -سبحانه- في تعليم أبناء آدم، ويعرض لنا القرآن الكريم مشهدا من مشاهد استخدام الوسائل التعليمية في تعليم ابني آدم: قابيل وهابيل، فعندما قتل قابيل هابيل، أرسل الله له غرابا ليعلمه كيف يواري سوأة أخيه:{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}[المائدة: ٣٠، ٣١] .
هذا الحادث وقع في فترة الطفولة الإنسانية، حيث كان أول حادث قتل متعمد, وكان الفاعل فيه لا يعرف طريقة دفن الموتى.
وفي هذه الحادثة خسر القاتل نفسه، فأوردها مورد الهلاك، وخسر أخاه؛ ففقد الناصر والرفيق، وخسر دنياه، فما تهنأ له حياة، وخسر آخرته، فباء بإثمه الأول، وإثمه الأخير.