إذا كان الهدف النهائي لمناهج التربية هو بناء الإنسان الصالح المؤمن بالله وبالأخوة في الله، والقادر على المساهمة بإيجابية وفاعلية في عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها وفق منهج الله، وبذلك يحقق للأمة وسطيتها، وشهادتها على الناس، ويحقق لها وحدتها، وتميزها؛ أقول: إذا كان هذا هو الهدف، فإنه لا يتم إلا من خلال محتوى يتم اختياره بعناية ودقة لهذا الغرض "انظر الشكل".
[مفهوم المحتوى ومصادره]
والمحتوى هو مجموعة الحقائق والمعايير والقيم الإلهية الثابتة، والمعارف والمهارات والخبرات الإنسانية المتغيرة بتغير الزمان، والمكان، وحاجات الناس، التي يحتك المتعلم بها، ويتفاعل معها، من أجل تحقيق الأهداف التربوية المنشودة فيها.
ولما كان الكون من حولنا محسوسا، وغير محسوس، أي: غيبا وشهودا، فإن العلم تختلف مصادره في منهج التربية باختلاف نوع المعلوم.
فالغيب مصدر العلم به هو الوحي الصادق من صاحب الغيب، سبحانه وتعالى، أي: من القرآن والسنة: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[ص: ٣٩] ، "لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم له لن تضلوا أبدا: كتاب الله، وسنتي""متفق عليه".
أما المحسوس أو الشهود فسبيله الملاحظة، والتجربة، والخبر أيضا؛ لأن المحسوس الذي غاب عنا لا مصدر للعلم به إلا الخبر عنه، وهذا هو أحد أهداف قراءة التاريخ، وتصحيح العلم عن طريق الخبر يكون بالاحتكام إلى قوانين الله ونواميسه التي تحكم الأشياء، كما يكون تحقيق الخبر عن طريق الاستقراء والاستنباط، والملاحظة والتجربة.. إلخ.